رئيس التحرير
عصام كامل

الدرس الذي ينساه الإعلاميون ورواد السوشيال ميديا!

هل نذكر ما قاله نبينا الكريم للصحابي الجليل معاذ بن جبل الذي سأل سؤالا أغضب رسول الله حين بادره بقوله: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت (والكلام هنا  ل"معاذ") بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.


ومن هنا ندرك أن الإعلام يتحمل أعباءً جسامًا في حياة الأمم؛ خصوصًا في أوقات التحول والتحديات؛ فهو يصوغ الأفكار والتوجهات ويأخذ بزمام الرأي العام.. وعلى الإعلامي تقع مهام ثقال في تصحيح الصورة وإيقاظ الهمة وتبصير الوعي؛ ومن ثم فعلى كل من يعمل في وسيلة إعلامية أن يستشعر عِظم الأمانة الملقاة على عاتقه، وأن يتحلى بالموضوعية ويلتزم الصدق لما لقوله من تأثير كبير على الناس؛ فالله تعالى يقول "يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"(التوبة:119)..

الصدق والموضوعية

وهو ما دعانا إليه رسولنا الكريم بقوله: "عليكم بالصدق، إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ومازال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا".. وليحذر الإعلاميون أشد الحذر من الكذب مهما تكن الذرائع والمبررات لقوله صلى الله عليه وسلم "إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ومازال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا".


الموضوعية أولى درجات المهنية في الصحافة والإعلام وبها تتحقق المصداقية والموثوقية؛ فلا ينقل الإعلامي خبرًا إلا بعد تحرى مصداقيته والتيقن من صحته، وعليه التثبت مما يصل إليه من أنباء، فليس كل ما يقال حقًا ولا كل ما ينشر صدقًا، فالله تعالى يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" (الحجرات: 6).


مصلحة المجتمع ينبغي أن تكون حاضرة دائمًا في ضمير الإعلامي، وتزداد الأعباء إذا ما تعلقت بشواغل الأمة وقضاياها وشئونها الكبرى؛ فليس كل ما يعرف يقال ولو كان حقًا وصدقًا.. وإلا ما قال الله تعالى: "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ  وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ  وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا" (النساء: 83)

 

 

فالإعلامي ليست مهمته نقل الخبر من هنا وهناك فحسب، ولا تقف مسئوليته عند تحليل الأخبار بل تمتد رسالته لأبعد من ذلك بكثير؛ التدقيق بتقديم النافع ودرء المفاسد، لتتحقق مقاصد الأديان في التنوير والإرشاد وبناء الضمير وعمارة الأرض بالصلاح والرشاد.. فهل يعى الإعلاميون ورواد السوشيال ميديا هذا الدرس البليغ؟!
وللحديث بقية..

الجريدة الرسمية