رئيس التحرير
عصام كامل

طب الإسكندرية.. الأدب فضلوه على العلم!

الجامعة محراب علم له قدسيته وجلاله؛ ينهض على حرية العقل وسلامة الفكر وبناء الروح.. والجامعات في كل الدنيا لها تقاليد وأعراف ربما تختلف في تفاصيلها من جامعة.. لأخرى لكنها في النهاية تجتمع على غايات وأهداف تتشابه وربما تتحد في جوهرها؛ وأهمها بالطبع بناء العقل وتحريره من أغلال الجهل والتخلف وإطلاقه على طريق الإبداع وبناء الحضارة والنهضة بنور الفضيلة والعلم والمعرفة.


للجامعة مكانة خاصة وتقاليد عريقة؛ تكتسب قيمتها ومكانتها من قداسة العلم وسمو الفكر، ولا تعارض في رأيي بين الحرية الأكاديمية وبين ضرورة الالتزام بتلك التقاليد التي تستهدف الارتقاء بالسلوك والوجدان.


ومن ثم فقد راقني ما فعلته كلية الطب بجامعة الإسكندرية حين كتبت منشورا تحث فيه طلابها على ضرورة الالتزام بآداب الزي داخل الحرم الجامعي بما يليق بمقام الطب والحكمة؛ لم تفرض إدارة الكلية نمطا معينا للزي ولا لونا محددا له كما تفعل المدارس مثلا بل قدمت نهيًا صريحًا عن ارتداء نماذج معينة أرى في تجنبها تكريسًا للحشمة والوقار ومجابهة للانفلات والاستهتار وطيش الشباب الذي يجري بعضه  بلا رشد  ولا روية وراء كل جديد في عالم الموضة والأزياء..

 

ناسيًا أن الجامعات ليست دورا للأزياء يرتدي أبناؤها كل ما يلقيه إليهم صناع الموضة من أشكال وألوان تمتهن العقل والآدمية أحيانًا؛ فليس كل زي على  الموضة يصلح لأن يكون لباسا لطالب عالم وظيفته الأولى هى التحصيل الدراسي وتنمية الفهم والملكات الذهنية والعقلية جنبا إلى جنب بناء الجسد وتهذيب الغرائز.

منشور أخلاقي

سعيًا لاستكمال فضائل المتعلم من الأدب وحسن المظهر والفضيلة والتواضع والخشية والحياء فهو إنما يقبل على تهذيب النفس وتثقيف العقل وإشباع الروح من فيض نور العلم الذي رفع الله أهله فوق البشر درجات ودرجات يقول الله تعالى: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ".. وقال تعالى: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ".. ويقول أيضا: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ".

 
طب الإسكندرية قالت في منشورها الأخلاقي إنه من غير اللائق أن يرتدي أرباب الحكمة داخل الحرم الجامعي ملابس شفافة أو قصيرة أو قمصانا بلا أكمام أو أغطية رأس رياضية أو شورتات وبنطلونات قصيرة أو ذات خصر منخفض أو أحذية مفتوحة مثل الشباشب مثلا أو تصفيف الشعر بصورة غير لائقة أو وضع طلاء أظافر أو إطلاقها بصورة  قد تضر بصحة المرضى.

 

أو وضع وشم على الجسم وغيرها من السلوكيات الشاذة الغريبة على قيمنا ومجتمعاتنا التي ابتليت في الآونة الأخيرة بأشكال مقززة من الموضة واللباس الذي وصل بالبعض لحد ارتداء بناطيل مقطعة، وإطلاق الشباب الذكور العنان لشعرهم وتسريحه وتضفيره حتى يكاد يتشابه الذكر بالأنثى.. وهو ما نهى عنه ديننا وتأباه الفطرة السليمة والرجولة الصحيحة.


ما تنادى به طب الإسكندرية.. هو الصواب بلا مزايدة.. والسؤال: هل فعلت ذلك كليات وجامعات أخرى.. وإذا كان الجواب بالنفي فمتى نعود للقاعدة الذهبية التي تربينا عليها والتي تقول: الأدب فضلوه على العلم؟!

الجريدة الرسمية