رئيس التحرير
عصام كامل

كفانا بطالة وإهدار للفرص والموارد!

مع انتظام التقديم في أولى تنسيق الجامعات يتجدد السؤال: هل مصر في حاجة لكل هذا العدد من الكليات النظرية.. وما جدوى آلاف الخريجين سنويا بشهادات لا تلبي احتياجات سوق العمل.. ولا تغيير واقعنا للأفضل؟!

ومتى تتغير ثقافة مجتمعنا الذي لا يزال ينظر للتعليم الفني نظرة سلبية ولا أقول دونية ويتكالب على الثانوية العامة أملا في إلحاق أبنائه بكليات القمة.. وها نحن رأينا كيف رسب أكثر من 60 في المائة من طلاب الفرقة الأولى بطب أسيوط ثم لحق بهم أقرانهم من طب قنا بنسبة أعلى رسوبا؟!

كنت أرجو لو أن الحوار الوطني تبنى مع الحكومة حملة توعية شاملة ومدروسة  لترغيب أبنائنا في كليات الزراعة مثلا أو الاقتصاد المنزلي أو الكليات التطبيقية والتكنولوجية وكليات الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي.. 

فتلك أدوات العصر وحتما ستصنع الفارق وتبني المستقبل على أسس راسخة وبمثل هؤلاء تتحول الدول من الفقر والعوز إلى الغنى والرفاه ومن التخلف إلى التقدم ومن العيش عالة على ما ينتجه الآخرون لاسيما في التخصصات المهمة إلى الصدارة والتصدير وبينهما صلة وثيقة.

تطوير منظومة التعليم

لدينا مئات الآلاف من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه منهم من يعمل في حقل التدريس الجامعي ومنهم من يعمل خارجه أو ربما لا يعمل ويعيش في بطالة وتعطل.. لكن ما المحصلة.. وما هي الثمرة التي جنتها مصر من هؤلاء.. 

وهل وجدت مخرجات البحث العلمي وابتكارات الباحثين النابهين طريقها للتطبيق وجنى الثمار لتحقيق التنمية الحقيقية بمفهومها الشامل.. وإذا كانت الإجابة بالنفي وهي كذلك بالفعل.. فكيف نغير الأجواء الطاردة للعقول والكفاءات الواعدة جنبا إلى جنب استرداد الطيور المهاجرة التي ملأت الدنيا علما وإنجازا وابتكارا.. للاستفادة من خبراتهم وعلمهم للخروج من مشكلاتنا المستعصية؟!

منظومة التعليم كلها من المهد وحتى أعلى درجات الأستاذية في الجامعات ومراكز البحوث تحتاج لتغيير حقيقي وعاجل يعلى قيمة الإنتاج والاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء والكساء والتكنولوجيا فائقة التطور.. ويعمل على توطين الصناعات المتطورة، بادئا بالكف عن إنشاء كليات نظرية جديدة وترشيد القبول بالكليات النظرية القائمة وتحفيز التعليم الفني والتخلص من أوهام كليات القمة والدروس الخصوصية والنظام الحالي للثانوية العامة التي لا وجود لها في الدول العريقة تعليميا.

لا عيب في استلهام تجارب النجاح بدء بتجربة محمد علي الرائدة في القرن الماضي مرورا بتجارب حديثة في سنغافورة وفنلندا وكوريا الجنوبية واليابان وغيرها.. حتى لو اضطررنا لاستقدام خبراء أجانب في التعليم الذي هو أهم الأولويات.. ألسنا نستعين بهم لتدريب المنتخبات الوطنية والأندية وأيضا للعب في صفوفها.. فلماذا نظن بهم في نهضة التعليم.. ما لكم كيف  تفكرون؟!

الجريدة الرسمية