رئيس التحرير
عصام كامل

الغذاء داء ودواء

جعلت التكنولوجيا ووسائل الرفاهية الحياة أكثر راحة ويسرًا، لكنها فرضت بالمقابل نمطا معيشيا غير صحي، زادت معه الأمراض والأدوية التي يتعاطاها الإنسان لتقليل آلامه، صحيح تطور الطب بشكل مذهل، لكن تعدد الأمراض والعلاج الدائم الذي يخضع له المرء يصيبه بأعراض جانبية ربما من تضارب الأدوية أو حتى من تأثيراتها الجانبية، ما جعل البحث عن طرق طبيعية بديلة لمواجهة الأمراض أو تقليل الاعتماد على الدواء أمرًا ملحًا.

 

بات الصداع آفة العصر، وأعراضه هي الأكثر شيوعًا ولا يفلت منه أحد نتيجة نمط الحياة العصرية، وبدلا من اللجوء إلى المسكنات المعتادة، أوصت منصة ألمانية صحية بعلاج منزلي طبيعي لا أعراض جانبية له مكون من فنجان قهوة غير محلاة مع نصف ليمونة، للمساعدة في التخلص من الصداع، وهو يجدي أيضا مع الصداع النصفي، لأن الكافيين الموجود في القهوة له تأثير إيجابي على الصداع، إذ يمنع تكوين إنزيم يساهم في الشعور بالألم، كما أن إضافة عصير الليمون يحد من الشعور بالألم وينشط الجسم.

 

ونشرت إحدى المجلات الطبية البريطانية، خلاصة دراسة حديثة عن أن النظام الغذائي السليم بإمكانه توفير الراحة لمن يعانون نوبات الصداع النصفي المتكررة، باعتبارها أكثر أسباب الألم شيوعا وزيادتها تؤدي إلى أعراض وأمراض أخرى. ووجدت الدراسة ان تناول أطعمة تحتوي على أحماض "أوميغا 3" الدهنية، الموجودة بكثرة في الأسماك، مع الحد من الأطعمة الغنية بأحماض "أوميغا 6" الدهنية، الموجودة في الزيوت النباتية والأطعمة المعلبة، يحد بشكل واضح من نوبات الصداع النصفي ويقلل الألم.

 

فوائد الشاى

 

هناك مشروب آخر لا يقل انتشارا عن القهوة، هو الشاي بأنواعه، وجد كذلك أن له فوائد صحية طبية لعلاج آلام مفاصل اليدين والمعصمين والقدمين المزمنة وتورمها الناتج عن الإلتهاب، ووجدت دراسة نشرتها دورية  Nutrition and Metabolism، ان استهلاك الشاي يحد من التهاب المفاصل وبالتالي الألم الناجم عنه.

 

وجد الباحثون من خلال فحص مئات المرضى بالتهاب المفاصل الروماتويدي، أن استهلاك الشاي يقلل من نشاط المرض، وارتبط تناول كميات أكبر من الشاي بانخفاض نشاط التهاب المفاصل الروماتويدي، وكتب الباحثون "عثرنا على ارتباط كبير بين الجرعة والاستجابة بين كمية استهلاك الشاي ونشاط المرض".

 

وخلص البحث إلى أن "استهلاك الشاي مرتبط بانخفاض نشاط التهاب المفاصل الروماتويدي"، لأن الشاي بأنواعه الأخضر والأسود والأبيض غني جدا بالبوليفينول، التي لها تأثير قوي مضاد للالتهابات. ويُنظر إلى الشاي الأخضر، خصوصا على أنه الأكثر فائدة لأن المكون النشط هو مادة البوليفينول المعروفة اختصارا EGCG، وهي أقوى 100 مرة في نشاط مضادات الأكسدة من فيتاميني C وE.

علامات طول العمر

 

كما أظهرت الأبحاث أيضا، أن الشاي يساعد في الحفاظ على الغضاريف والعظام، وبالتوازي وجد أن القهوة كذلك تحتوي على مادة البوليفينول المضادة للأكسدة، ما يعني أنها تساعد في محاربة الجذور الحرة في الجسم، التي تسبب تلف الخلايا، خصوصا أن تأثيرها كان إيجابي في تخفيف آلام مرض النقرس وهو أحد أنواع التهاب المفاصل.

 

وبما أننا نتحدث عن التهاب المفاصل وآلامها، نصحت إحدى المجلات الطبية في الولايات المتحدة، بالحفاظ على قوة وسلامة عضلات الساقين باعتبارها من علامات "طول العمر".. إعتمد تقرير المجلة على دراسة جامعة دنماركية، وجدت أن كلًا من الكبار والصغار، تضعف لديهم قوة عضلات الساقين بمقدار الثلث خلال أسبوعين من الخمول، ما يعادل 20 سنة من الشيخوخة، وعند ضعف عضلات الساق سيستغرق الأمر وقتا طويلا للتعافي، حتى في ظل ممارسة تمارين إعادة التأهيل، لذا وجب الحرص على التمارين البسيطة المنتظمة مثل المشي في الهواء الطلق أو ركوب الدراجة الهوائية، لأن وزن الجسم كله يتحمله الساقين فيجب المحافظة على سلامتهما وقوتهما دائما. 

 

من المعلومات الجديرة بالاهتمام في التقرير أن 50 في المئة من عظام الجسم و50 في المئة من العضلات تقع في الساقين، كما أن أكبر وأقوى المفاصل والعظام في الجسم توجد كذلك في الساقين. بينما تشكل العظام والعضلات القوية والمفاصل المرنة "المثلث الحديدي"، الذي يحمل جسم الإنسان، فضلا عن أن 70 في المئة من النشاط وحرق الطاقة يتم بالقدمين.

قوة الساقين والقلب

 

لم تنته المعلومات عند هذا الحد، حيث ثبت أن الإنسان عندما يكون شابا، فإن قوة ساقيه ترفع سيارة صغيرة.. وعندما تكون القدمان بصحة جيدة، تتدفق الدورة الدموية بسلاسة، لذا فإن من لديهم عضلات ساق قوية سيكون لديهم بالتأكيد قلب قوي، لأن الساقين معا فيهما 50 في المئة من أعصاب الجسم، ومثلها من الأوعية الدموية ونصف معدل الدم يتدفق من خلالهما. 

 

على ذلك فإن القدم هي مركز حركة الجسم، والشيخوخة تبدأ من القدمين إلى أعلى، ومع تقدم العمر تقل دقة وسرعة نقل التعليمات بين الدماغ والساقين، على العكس عندما يكون الإنسان صغير السن، بالإضافة إلى ان ما يسمى "سماد العظام" وهو الكالسيوم سيفقد عاجلًا أم آجلًا بمرور الوقت، مما يجعل كبار السن أكثر عرضة لكسور العظام، التي تسبب مضاعفات أخرى منها الأمراض القاتلة مثل تجلط الدم، ولأن نسبة لا يستهان بها من كبار السن ماتوا من الإصابة بكسر في عظم الفخذ، نصحت المطبوعة الأميركية بالحفاظ على قوة عضلات الساقين مهما كان عمر الإنسان عن طريق المشي يوميًا.

عادات غذائية تقصر العمر

 

في مقابل المشروبات والأطعمة المفيدة للجسم والمقاومة للأمراض، هناك أطعمة وعادات غذائية "تقصر العمر"، أولها السكر والملح فمضارهما الصحية أكثر من فوائدهما وينبغي الإقلال منهما قدر المستطاع، لأثارهما في ارتفاع ضغط الدم، وزيادة الدهون التي تؤدي إلى الاكتئاب وتخفض المناعة وتزيد الوزن، مثلما نبهت دراسة طبية حديثة في الولايات المتحدة، أشارت إليها مجلة تختص بالتغذية والصحة، ووجدت الدراسة على سبيل المثال أن تناول قطعة واحدة من "الهوت دوغ" بوسعها أن تقصر أمد حياة الإنسان بـ36 دقيقة، وان البطاطس المقلية أيضا تعود بالضرر على الإنسان، لأنها "تقصر العمر" بـ1.5 دقيقة، ويشمل الضرر جميع المشروبات الغازية، لأنها تلحق أذى كبيرا بالصحة، وأفادت الدراسة بأن اللحوم المصنعة أيضا، تؤدي إلى تقليص العمر.

 

في المقابل، كشفت الدراسة أن أطعمة مثل المكسرات وبعض الحبوب وزبدة الفول السوداني، تسهم في "إطالة" عمر الإنسان، لافتة إلى أنها تعود بنفع كبير، وتطيل أمد الحياة بـ30 دقيقة، كما حل سمك السلمون المشوي في المرتبة الثانية، من حيث الفائدة، لأنه يطيل أمد حياة الإنسان بـ15 دقيقة في المتوسط. أما الموز فيساعد على إطالة الأمد بـ13.5 دقيقة.

ونصحت الدراسة بالإكثار من تناول الفاكهة والخضار بأنواعها لأنها المفتاح لحياة أطول، واعتماد نظام غذائي صحي يقي من الأمراض أو يقلل من آثارها، فالغذاء هو داء ودواء على حد سواء.

 

الجريدة الرسمية