رئيس التحرير
عصام كامل

فوضى الفراغ

لو كان للمشاعر أن تتجسد في شكل مادي، لكان: الحب طاقة نور، والكراهية نيران تأكل نفسها، والخوف ضبع يلتهم فريسته حية، والحزن سيد أنيق يرتدي حُلة سوداء، والقلق بندول ساعة لا يتوقف عن الحركة، والحقد دخان أسود كثيف، والسعادة طفلة صغيرة بشعر حر، والفرح فتاة بضفيرتين، والغضب فوار مياه تغلي، والرضا عجوز مبتسم، والتسامح أم بشعر فضي، والكآبة مهرج صامت، والدهشة رضيع يستنشق أول أنفاسه..


1
بداخلي فراغ رهيب وفوضى كبيرة في الوقت ذاته، هذا الفراغ وهذه الفوضى كيف يجتمعان في جوف واحد؟ ومن له أن يرتب الفوضى ويملأ الفراغ؟ لا أعلم على وجه التحديد، كل ما أعلمه أن دخول أي شخص في خضم هذه المعركة الدائرة داخلي لن يزيد الأمور إلا تعقيدا، إذ سيفاقم المشكلة ويضيف ضحية جديدة لقائمة طويلة من الضحايا الذين تحولوا إلى أشباح تطاردني كلما خلوت إلى نفسي.

 

قصة تأكل تفاصيلها بنهم
2
الصمت يغرس في قلبي نصل سكين بارد
والوحدة كلب ينهش روحي..
حتى المرآة لم تعد تعكس صورتي
وصدى الصوت يموت على الجدار قبل أن يرتد
جميع النوافذ تطل على داخلي المعتم
لا أحد هنا،
حتى شيطاني رحل


3
هل تعرف كيف خُلقت الدموع؟
في غابة أفريقية، وقبل مليونين من الأعوام، سقط طائر من السماء، على رأس أرنب صغير ملون، فأرداه قتيلا، فتجمد الطائر في مكانه ولف الصمت المكان..
كل الحيوانات ابتلعت أصواتها، حتى أسماك السردين اللامعة في النهر الصغير الذي يشق الغابة نصفين ثبتت مكانها.

 

كيف تحول آلامك لضحك

 
الريح لم تتحرك وبدت سيقان البامبو كقضبان صلبة.. سكون.. لا شيء غير السكون، فلا كائن يعرف ما كان، هناك قتيل لكن ليس هناك قاتل.. والأمر محض صدفة قدرية تزامنت فيها أحداث، لم يكن أحدا ليمنعها، وهكذا ظل المشهد جامدا إلى أن تحركت الأرنبة الأم التي شهدت الواقعة كما لم يشاهدها غيرها.


جمعت خمس زهرات بيضاء وعصرتها فوق رأس صغيرها المنسحق في الأرض، فنزلت عليه القطرات وكأنها حبات الندى، فتحولت أشلاء الأرنب الصغير إلى زهرة صافية تفرز أوراقها عسلا لا ينقطع..


وهكذا خلقت الدموع، عسلا فيه شفاء لكل داء.. إذ إن الدموع تصلح لغسل الأحزان، وإظهار الندم، وإبداء الأسى وتطهير الروح.. كما أنها تلطف الألم وتجعل الفرح رطبا.


4
الصمت أصدق حوار بين المحبين، قليل من الكلام كثير من الفهم.. ما يعبر عنه المحسوس لا يستوعبه المنطوق.. وما كان بين اثنين لا يفهمه ثالث.

الجريدة الرسمية