رئيس التحرير
عصام كامل

ابتزاز واستغلال بين العراق والكويت

لا يخفى على أحد ما تعانيه الكويت حاليا من أزمات داخلية، أولها اقتصادي نتيجة الإغلاق التام لنحو أربعة أشهر، ما أدى إلى تراجع مالي غير مسبوق يكاد ينفد معه الاحتياطي العام من السيولة المالية، (هذا الاحتياطي يختلف عن احتياطي الأجيال المقبلة الممنوع الاقتراب منه).

 

وفاقم الأمر تراجع سعر النفط الذي تعتمد عليه الكويت بشكل أساسي، إلى جانب ثبوت صحة بلاغات النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع السابق الشيخ ناصر صباح الأحمد (نجل الأمير)، ضد رئيس الوزراء السابق الشيخ جابر المبارك، ووزير الدفاع الأسبق الشيخ خالد الجراح، وقيادات بالدفاع، باختلاس مئات الملايين من صندوق الجيش، وهو ما يحقق فيه القضاء الآن بعد أن منع النائب العام سفر المتهمين.

خريف الرعب في الولايات المتحدة
كما أدى بلاغ الشيخ ناصر صباح الأحمد، إلى فتح قضايا فساد أكبر، منها "الصندوق السيادي الماليزي" التي صنفت أكبر قضية غسيل أموال في العالم، ومتهم فيها ابن رئيس الوزراء السابق الشيخ جابر المبارك ورجال أعمال، مع رئيس وزراء ماليزيا الأسبق ورجل أعمال كوري شهير.

 

وشملت قضايا غسيل الأموال مشاهير "السوشيال ميديا" والإعلام ممن تضخمت أرصدتهم إلى مئات ملايين الدنانير من غسيل الأموال في الكويت والخليج بالمشاركة مع بعض الجنسيات العربية بقيادة تاجر إيراني، تم التحفظ على ممتلكاتهم وأرصدتهم ومنعهم من السفر، و"كرت السبحة" لتضم القائمة أسماء عدة وما زالت التحريات تبحث ملفات آخرين.

 

وبين هذا وذاك تم فتح ملف تجارة الإقامات والاتجار بالبشر بدءا من أحد ضباط وزارة الداخلية بمعاونة مصريين، مرورا بجنسيات عربية أخرى مع تجار كويتيين، وصولا إلى أكبر قضية تجارة إقامات متهم فيها نائب برلماني بنغالي، تمكن من شراء ذمم قيادات في وزارة الداخلية ونواب في برلمان الكويت وقيادات في وزارة الشؤون وغيرهم الكثير.

الخبز والملح والزاد 

لتمرير معاملاته غير القانونية والموافقة على جلب آلاف العمال من بنغلاديش، فضلا عن دول ثانية محظور دخول مواطنيها الكويت منذ سنوات، وذلك مقابل مبالغ باهظة، وقد اعتقل البرلماني البنغالي وشيخ بارز من آل الصباح ورفع البرلمان الحصانة عن اثنين من نوابه لبدء التحقيق معهما وتتوالى المفاجآت في القضية.


نتيجة لما سلف تم تخفيض التصنيف السيادي للكويت مع نظرة مستقبلية سلبية للمرة الأولى منذ 30 سنة، وبات لزاما اتخاذ إجراءات قاسية وعاجلة لرفع التصنيف مجددا.

تزامن مع قضايا الكويت الداخلية، مناوشات سياسية مع العراق وان ظلت محصورة على المستوى الشعبي والإعلامي مع دعوات لحسمها حكوميا، خصوصا في ظل اتهامات متبادلة بالابتزاز والسرقة والاستغلال.


بدأت الأزمة المكتومة بنشر صحيفة "القبس" الكويتية تقريرا عن مراسلات ومحاضر رسمية تظهر تعرُّض الكويت لابتزاز سياسي من قبل بغداد، بهدف الحصول على مساعدات مالية، أو استثمارات تعين الحكومة العراقية في الأزمة الاقتصادية، التي تفاقمت بسبب جائحة "كورونا".

 

ومن أبرز مظاهر هذا الابتزاز "طلب العراق من الكويت المشاركة في مفاوضات الحدود البحرية الثلاثية بين الكويت والسعودية وإيران"، وهو ما رفضته الكويت، معتبرة أن "الحكومة العراقية تستغل الملفات العالقة مع الكويت، ومنها ترسيم الحدود البحرية وتعميق خور عبدالله، للضغط على الكويت، بهدف تحقيق مكاسب تسهم في تجاوز العراق أزمته الاقتصادية".
حاكم المطيري خادم أردوغان و"الإخوان"
أثار الحديث عن ابتزاز العراق للكويت للحصول على مساعدات مالية غضبا شعبيا وبرلمانيا في بلاد الرافدين، وكان الرد بأن "الكويت تتآمر على العراق، واستغلت غزو صدام حسين لها لسرقة العراق بحريا، بريا وحتى نفطيا عبر الحفر المائل في أراضيها".

ورأى برلمانيون عراقيون أن الكويت ظلت تتفرج سنوات على معاناة العراقيين أثناء الحصار حين باعوا أثاث بيوتهم نتيجة الفقر والجوع، واستولت على أراضٍ ومياه داخل الحدود العراقية، ولم تكتف بما تحصلت عليه من تعويضات بسبب الغزو، بل تسعى لخنق رئة العراق البحرية من خلال بناء ميناء مبارك واستيلائها على جزء كبير من خور عبدالله.

بينما سخر اقتصاديون من أن الكويت تتعرض لابتزاز عراقي، مشيرين إلى أن الكويت تسرق أراض ومياه عراقية وحتى النفط عن طريق الحفر المائل للحقول القريبة من حدودها، لكنهم أخذوا في الوقت نفسه على الحكومة العراقية أنها تغض النظر عن تجاوزات الكويت ولم تقدم دعوى ضدها لمجلس الأمن.

 

وآخرها استغلال وزير خارجية الكويت د.أحمد ناصر الصباح خلال زيارته لبغداد أزمة العراق الاقتصادية، فسعى إلى إقناع الحكومة بالموافقة على ربط ميناء مبارك بالقناة العراقية الجافة، ما يعني القضاء على ميناء الفاو مقابل مساعدات مالية.
هل تدعم القوة الناعمة المجتمع؟!
وحذر نواب في بيان من "التفريط في ميناء الفاو، مقابل حفنة أموال كويتية، لأن العائدات المالية من القناة الجافة وميناء الفاو ستعادل ثلث عائدات النفط والغاز وستخلص العراق بسهولة من مصائب الاقتصاد الريعي والديون المتراكمة إضافة إلى الدور الحيوي للقناة الجافة، التي تربط الخليج العربي وأوروبا انطلاقا من ميناء الفاو في حال إنجازهما".


ودعا آخرون الحكومة إلى التصدي للغطرسة الكويتية ومنع استغلالها العراق برفع دعوى في المحافل الدولية لترسيم الحدود البرية والبحرية معها وفق الاتفاقيات الدولية.


الجريدة الرسمية