رئيس التحرير
عصام كامل

عاطف فاروق يكتب: رشوة "زيادة المصروفات" في تعليم القاهرة كشفتها محادثات الهواتف المحمولة.. نص تقارير الرقابة الإدارية وتفاصيل القبض على المتهمين بمنطقة المعادي (مستندات)

فيتو

كشفت تقارير الرقابة الإدارية عن تفاصيل ومفاجآت جديدة ومثيرة في قضية الرشوة الكبرى بمديرية تعليم القاهرة، حيث أشارت إلى طلب مديرة التعليم الخاص بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة، مبالغ مالية وهدايا عينية على سبيل الرشوة من أصحاب المدارس الخاصة مقابل الموافقة على زيادة المصروفات، وتطبيقها في ذات العام الدراسي على أولياء الأمور، مما يمكن أصحاب المدارس من الحصول على أرباح مالية كبيرة.


وكشفت التحريات أن أطراف قضية الرشوة هم: نبيلة فاروق، مديرة التعليم الخاص بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة، وتختص بالإشراف على مدى التزام المدارس الخاصة في نطاق المديرية بتطبيق وتنفيذ القرارات الوزارية المنظمة لعمل تلك المدارس، وكذا مراجعة واعتماد جميع الأبحاث المالية الخاصة بالمدارس، وهي مقرر لجنة التعليم الخاص التي يتم عقدها بالمديرية، فضلًا عن سابقة عملها بالتعليم الخاص بإدارة المعادي التعليمية، و"م. ع" صاحب إحدى المدارس الخاصة للغات، والمحاسب المالي بالمدرسة "الوسيط"..

وجاء في التحريات أن مديرة التعليم الخاص طلبت مبالغ مالية وهدايا عينية على سبيل الرشوة من صاحب المدرسة مقابل تسهيل إجراءات مراجعة واعتماد الأبحاث المالية لزيادة مصروفات التعليم والنشاط والاتوبيس، وتمكينه من تحصيل هذه الزيادة خلال العام الدراسي الحالي، مستغلة في ذلك وظيفتها التي تمكنها من اعتماد أعمال مراجعة الأبحاث المالية الواردة من الإدارات التعليمية، لعرضها على لجنة التعليم الخاص بالمديرية قبل رفعها لوزارة التربية والتعليم لاستكمال إجراءات الاعتماد، وكذا استغلال نفوذها لدى العاملين بمديرية تعليم القاهرة، وإدارة المعادي التعليمية في إنهاء الإجراءات الخاصة بالمدرسة، وأكدت التحريات أن هناك اتصالات ولقاءات تجرى في الأماكن العامة والخاصة بين مديرة التعليم الخاص وصاحب المدرسة والمحاسب المالي، وأنهم يستخدمون 7 هواتف محمولة في إجراء الاتصالات..

تم عرض محضر التحريات على المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا واستصدار إذن بمراقبة وتصوير وتسجيل اللقاءات التي تتم بين أطراف الواقعة وكذا مراقبة وتسجيل الاتصالات والرسائل النصية والأحاديث التي ترد عبر الهواتف المحمولة، وفي 21 أكتوبر رصدت الرقابة الإدارية عقب حصولها على إذن، محادثة بين الوسيط، وبين نبيلة فاروق، أخبرته خلالها أنه تم اعتماد زيادة المصروفات للعام الدراسي 2018 / 2019 من الوزارة، فسألها هل سيتم تطبيق زيادة المصروفات للعام الدراسي 2018/ 2019.

فقالت له:" أيوه ياريس إحنا بنهزر ولا إيه"، واستفسر منها:"هل تم اعتمادها من المديرية"، وردت عليه:" هي جاتلنا خلاص فاضل بس تجيلك.. وبلغه عشان يجهز الحاجة وقول له الدنيا جميلة وهتخطر بالنتيجة، وكمان خالتك نفس الحكاية أخذت زيادة 1881 جنيها"، وفي نفس اليوم وردت محادثة أخرى بين الطرفين وأخبرها "الوسيط" أنه كان على السلم أثناء المكالمة السابقة بينهما فبادرته قائلة الورق جالي فقلت أول ما وصل أطمنك وهي معتمدة من الوزير في 18 سبتمبر عشان خاطر الزيادة تسري هذا العام.

وأخبرته أنهم سيقومون بإعداد خطابات زيادة المصروفات وإرسالها للإدارة، والزيادة ستطبق على مرة واحدة وليس مرتين، وطلب منها تصوير القرار وإرساله له عبر الهاتف، تمهيدًا لإرساله إلى صاحب المدرسة عشان يقول له يجهز الحاجة وأشوف نتقابل إزاي، وردت عليه عشان يبقى ختامها مسك. كما وردت محادثة أخرى في ذات اليوم بينهما حيث أخبرها "الوسيط" أنه قام بطباعة صورة الخطاب وأعطاه إلى صاحب المدرسة، الذي قال له إنه خاف لما شاف الخطاب أن باقي المدارس تحسده عشان مبلغ الزيادة، وردت عليه أن كل مدرسة يأتي لها خطاب خاص بها..

وقالت: "أنا باعتاها له عشان يشوف غيره، أنا مش باعتاها اعتباطًا.. أنا باعتاها عشان تشوف الناس اللي في نفس إدارتكم شكلهم إيه، وعشان يعرف قيمة الشغل اللي اتعمل"، وذكرت له المتهمة أنه حصل على زيادة في المصروفات أكثر من الثلث، وقالت "دي عمرها ما حصلت".. ثم ذكر أنهم حصلوا على ضعف باقي المدارس في زيادة مصاريف السيارات، ثم ذكرت حصولهم على 4 أضعاف الرسوم الدراسية قائلة: "ربنا يزيد الناس ويزيدنا جنبهم".

وأكدت التحريات احتفاظ مديرة التعليم الخاص بالمستندات المتعلقة بالواقعة داخل مكتبها بمديرية تعليم القاهرة، واعتزامها استلام مبلغ الرشوة المتفق عليه عقب حصول المدرسة على الموافقات الخاصة بزيادة المصروفات، وبتاريخ 7 نوفمبر 2018 وردت محادثة بين الوسيط، وبين نبيلة فاروق تضمنت استفسارها منه عما تم، قائلة: "إيه أخبارنا إحنا إيه"، وأخبرها أن "م. ع" سأله، وقاطعته قائلة إن البحث خلاص جه الإدارة.. الدنيا خلصت وأتصدرت، وأخبرها أن "صاحب المدرسة" سأله مفيش أخبار من المديرية وأنا قلت له زمانها في الطريق وردت عليه، أنا صورت لك الحاجة وبعتها لك"..

وأكدت الرقابة الإدارية أن نبيلة فاروق حصلت على 120 ألف جنيه من المبلغ المتفق عليه وهو 250 ألف جنيه إلا أن صاحب المدرسة يرغب في دفع 50 ألف جنيه فقط، واعترضت على ذلك وأبلغت الوسيط بهذا الاعتراض وطلبت منه إبلاغ صاحب المدرسة برغبتها في الحصول على باقي المبلغ المتفق عليه.. وبتاريخ 18 نوفمبر 2018 وردت محادثة بين ذات الطرفين تضمنت وجود موعد المقابلة في ذات اليوم إلا أن الوسيط اعتذر وطلب تأجيل الموعد ليوم لاحق.

وقال لها: "والله النهارده الصبح قال لي خد من الخزنة 50 ألف جنيه، وفوجئت أن الساعة 2.30 والناس مشيت" فأبلغته بغضبها من صاحب المدرسة. ووردت محادثة أخرى بينهما طلبت الجلوس مع "م. ع" وقالت أصل أنا ليا حق وأنت ليك حق، بص يا مستر خلينا نتكلم بصراحة، إحنا قلنا هو "ربع" فأنا كان في ضميري أنا وأنت على الأقل لينا مية، دي وجهة نظري، ولما قعد معايا قدامك قال دول للناس وأنتي عينيا ليكي، ده مكانك ثم دار حديث حول حصولها على 2000 جنيه، تحت بند استشارات للمدرسة، ثم دار الحديث حول مبالغ مالية سيتم إخراجها لبعض العاملين في إدارة المعادي التعليمية بمناسبة المولد النبوي واتفقا على موعد ثاني يوم.

وفي 19 نوفمبر 2018 وردت محادثة أخرى بينهما وقال لها "الحاجة معايا" واتفقا على اللقاء بجوار المدرسة، وفي محادثة أخرى أخبرته أنها في المكان المحدد، فرد عليها يعني انزل، فأجابته نبيلة آه، وقالت الرقابة الإدارية في تقاريرها: إنها انتقلت للمكان المتفق عليه وشاهدوا الوسيط أثناء خروجه من المدرسة، وبحوزته شنطة كرتون متوسطة الحجم مكتوبا عليها كلمة "aldo" حيث التقى مع نبيلة فاروق الساعة الثالثة والنصف داخل سيارتها ماركة مرسيدس، ثم تحركا بالسيارة لمسافة 500 متر، ثم توقفا لمدة عشر دقائق، وقام بإعطائها مظروفا أبيض متوسط الحجم، ثم نزل من السيارة، واستقل سيارة أجرة وقامت نبيلة فاروق بالانطلاق بسيارتها ووتم تتبعها حتى وصلت أمام مكتب نائب المحافظ، وتم استيقافها.

وعند محاولة رجال الرقابة الحصول على المظروف الأبيض من أرضية الكرسي المجاور حاولت إلقاءه خارج السيارة، إلا أنها لم تتمكن وتم التقاطه، وتبين أنه مدون عليه شعار المدرسة الخاصة، وبداخله مبلغ 50 ألف جنيه جزء من مبلغ الرشوة المتفق عليه، وكذا 3000 آلاف جنيه ثم تم اصطحابها إلى مقر الرقابة الإدارية للتحقيق معها، وجاء بتقارير الرقابة الإدارية أنه تم تكليف أحد أعضاء هيئة الرقابة الإدارية بضبط مصطفى عفيفي، بعد متابعته عقب نزوله من سيارة نبيلة فاروق، واستقل سيارة أجرة وانطلق بها وتم استيقاف السيارة وبتفتيشه عثر معه على شنطة بيضاء مدون عليها "aldo" وبداخلها مبلغ ألف جنيه.

"نقلا عن العدد الورقي".
الجريدة الرسمية