رئيس التحرير
عصام كامل

جمال القليوبى: مشروع «ظهر» يكشف مؤامرة تركية إسرائيلية لسرقة غاز مصر في «المتوسط»

فيتو




ما الذي تريده تركيا؟ لماذا لا تريد الاعتراف بترسيم الحدود الاقتصادية بين مصر وقبرص، وهل الآن فقط بدأت ترى أهمية للتنقيب عن الغاز في شمال شرق البحر المتوسط، أم أنها إحدى حلقات المؤامرة الكبرى، التي امتدت طوال السنوات الماضية، لابتلاع الكنوز المدفونة في قاع البحر، بـ«القرصنة»، انطلاقا من عدم توقيع الأتراك بالتحالف والتفاهم مع إسرائيل على اتفاقية أعالى البحار، بما لا يجعلهما أمام التزام قانوني دولي، تجاه حقوق الدول الأخرى، المشتركة بحوض المتوسط، في الاستفادة من خيراتها.

أسئلة كثيرة، أجاب عنها الدكتور جمال القليوبي، أستاذ البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية، وأحد أهم المتخصصين في هذا الملف، خلال محاولة «فيتو» فهم وتحليل التحرش التركي بمشروع ظهر، بما يُحدث إنتاجا موازيا يتمثل في ضغط سياسي ودبلوماسي، وزرع نفوذ مناوئ لمصر، من شأنه أن يهدد سيادتها، وهو ما فشلت فيه تماما، بعدما أثبتت التصريحات والسجالات الدبوماسية خلال الأيام الماضية، أن مصر دولة صاحبة خبرة كبيرة في مكافحة «الإرهاب الدولي» وأذنابه.

يقول الدكتور جمال القليوبي، أستاذ البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية، وأحد أهم المتخصصين في الطاقة، إن منطقة شمال شرق البحر المتوسط، بؤرة توتر وصراع عسكري قادمة، موضحًا أن تركيا تحديدا، كانت تأمل أن تكون هي مركز تجارة الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، سواء بالإنتاج أو قبول واستلام كل شحنات الغاز سواء من لبنان أو إسرائيل.

كل هذه المخططات توقفت تمامًا بحسب القليوبي، مؤكدًا أن بعد دخول مصر لهذه المنطقة، أصبحت أول دولة صاحبة خط إنتاج داخل هذا العمق الاقتصادي، الذي يقترب من حقول قبرص بنحو 35 ميلا بحريا، ونحو 36 ميلا بحريا من إسرائيل، وما يقرب من 51 ميلا بحريا من لبنان، مما يعني أن المنطقة المصرية صاحبة التأمين والجاذبية الأكبر، أصبحت نقطة التقاء مع كل هذه المناطق والحقول، حسب وصفه. 

ويرى «القليوبي» أن الغضب التركي مآلاته واضحة، مشيرا إلى أن التصريحات المعادية للمشروع المصري «قرصنة واضحة» على اتفاقية أعالى البحار، والقانون الدولي، والذي تم إيداعه بعد توثيقة، في هيئة الأمم المتحدة، ووقع عليه من 46 دولة، من ضمنها دول حوض البحر المتوسط، مصر وقبرص، بينما رفض التوقيع من الأساس 4 دول، هي "إسرائيل وتركيا وقطر وأمريكا"، وهو ما يؤكد سعي تركيا إلى قرصنة المنطقة، خاصة في منطقة القبارصة الأتراك، التي أدخلت فيها سفن إمداد؛ لعمل بحث قبالة سواحل دولة قبرص، في الجزء المحتل منها، والذي ترفض تركيا إعادته إلى أصحابه. 

ويعود أستاذ البترول والطاقة، بالأحداث وحالة الهياج التركي بسبب حقل ظهر، إلى ما بعد ثورة 25 يناير مباشرة، والمفاجأة بالإعلان عن اكتشاف حقل قبرص 1 في مارس، وأعقب ذلك تصريح مفاجئ من نتنياهو؛ بسبب وقف مد إسرائيل بالغاز المصري، من شركة شمال شرق البحر المتوسط، وقال فيه إن مصر سيأتي عليها اليوم التي تستورد فيه الغاز من إسرائيل؛ وفي أول تفعيل للتصريح، عُقد مؤتمر لتجميع الشركات العالمية للاستثمار في شمال شرق البحر المتوسط، وكان المقر في قبرص ونوقسيا.

ويضيف: تزامن ذلك مع تعاون تركي إسرائيلي، لتدعيم المؤتمر، وليس ذلك فقط بل سمحا لبعضهما بإدخال سفنهما للمجسات التي تبحث عن مناطق الغاز، في 60% من دوران الجزيرة للمنطقة التركية، وذلك بمعزل عن منطقة المشاركة بين إسرائيل وقبرص، أمام المنطقة الاقتصادية المصرية، وبالعمل على النقطين، ظهر سريعًا الاكتشاف الإسرائيلي الجديد، وهو حقل ليفياثان، الذي وصلت احتياطاته إلى 11 تريليون قدم مكعب، وهو ما يؤكد حجم المخططات التي كانت تحاك للمنطقة، وبما ينصف أيضًا التخطيط الإستراتيجي للقيادة السياسية المصرية، الذي ذهب إلى هذه المنطقة بدعم قوى وذكاء وإجادة بجدارة من الدبلوماسية المصرية.

وقال «القليوبي» إن المعادلة المصرية بتعاملاتها كانت صعبة للغاية، موضحًا أن هذا الملف من أهم نجاحات القيادة السياسية المصرية الحالية، خصوصًا أنه لم يكن أحد يتصور قدرة مصر على تحقيق هذه الإنجازات، بالبحرية المصرية العادية أو بالاستشعار عن بعد، أو حتى الأقمار الصناعية.

الاستحواذ على أعلى منطقة داخل البحر المتوسط، برأي أستاذ البترول والطاقة، من أمام فرع دمياط، وحتى ترسيم الحدود عند الشواطئ الإقليمية لقبرص، 213 كيلومترًا، وكذلك الترسيم حتى الحدود الإسرائيلية، يبلغ 239، يطرح سؤالا مهمًا: أي نوع من الطائرات كانت تستطيع أو لديها القدرة على مسح هذه المسافات، وهو ما يوضح أهمية جلب "الميسترال" وغيرها من عمليات التحديث القوية لقدرات الجيش المصري، التي اتبعتها القوات المسلحة في الآونة الماضية. 

ويؤكد "القليوبي" أن قوة الردع المصرية في هذه المنطقة، لابد أن تكون غير نمطية، بحيث تعطي رسالة لمن يفكر فقط في التعرض لهذه المنطقة بأننا قادرون على الوصول إلى مسافات تزيد على 1000 كيلومتر في البحر، لافتا إلى أن مشروع ظهر يشير إلى أن التاريخ يعيد نفسه، خاصة أن يتشابه بدرجة كبيرة مع ما حدث في مصر عام 1957، والدعم الإيطالي وقتها، دون دول العالم أجمع التي رفضت المجيء إلى مصر، بعد تأميمها قناة السويس، والقضاء على الاستعمار والملكية والإخلاص لأهداف وباتت ثابتة تعمل فقط لصالح المواطن المصري. 

ويكشف «القليوبي» عن إحضار الشريك الإيطالي عام 1954، حفارًا ضخمًا لحفر أولى آبار مصرية ومناطق اكتشافية في خليج السويس، عبر «بلاعيم بحري وبري»، وهو ما حمى الدولة المصرية بكم كبير من الإنتاج، ودعم بنيتها التحتية، مما سمح لعبد الناصر بعمل معامل تكرير بترول، والانطلاق في الثورة الصناعية، وهو ما يتكرر الآن، مشيرًا إلى أن الاكتفاء الذاتي لمصر من الغاز سيكون في حدود أبريل من العام الحالي.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية