رئيس التحرير
عصام كامل

خطايا «الإسناد بالأمر المباشر».. التوسعات الحكومية تؤرق شركات المقاولات.. وقتل روح المنافسة أبرز الأزمات.. تحذيرات من زيادة معدلات الفساد بسبب تحجيم السوق.. وخبراء يوضحون حلول الأزمة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

موجة حادة من الانتقادات أثارها توسع الحكومة في إسناد تنفيذ المشروعات بنظام الأمر المباشر، بين خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال ومقاولى التشييد والبناء، الذين أشاروا إلى أن هذا التوجه ترتبت عليه الكثير من الخطايا والتداعيات السلبية الواسعة على الاقتصاد القومى والموازنة العامة للدولة، خلاف أنه يفتح الباب على مصراعيه لأشكال الفساد المختلفة من ضعاف النفوس بالجهاز الإدارى للدولة وبعض مسئولى الشركات.


مشروعات جديدة
وطرحت الحكومة خلال الفترة الأخيرة عشرات المشروعات في مختلف القطاعات بتكلفة تتجاوز مليارات الجنيهات سواء البنية التحتية “شبكات طرق ومياه وصرف صحى وأعمال كهرباء” أو مشروعات الإسكان بشرائحها المختلفة وغيرها، وأسندتها بنظام الأمر المباشر لبعض شركات المقاولات الحكومية أو بعض الشركات التابعة لجهات سيادية بالدولة، وهو ما أثار موجة غضب كبيرة لدى بعض مسئولى شركات المقاولات الخاصة.

40 مليار جنيه
وعلى مستوى مشروعات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان بلغت موازنة العام المالى الحالى 40 مليار جنيه، ومن المقرر أن تصل موازنة العام المالى 2018/ 2019 إلى 55 مليار جنيه تقريبًا، وذلك لتنفيذ حزمة متنوعة من المشروعات في المدن الجديدة ومنها تنفيذ أعمال في 605 آلاف وحدة سكنية على مستوى جميع المدن وتوصيل المرافق لجميع الأراضى المخططة وتنفيذ الطرق والكهرباء، وإنشاء المبانى الخدمية، وذلك خلاف مشروعات بقية الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى.

يذكر أن مجلس الوزراء أقر منذ أكثر من عام تعديلات جديدة في قانون المزايدات والمناقصات تمنح الوزراء ورؤساء الهيئات والمصالح الحكومية سلطات أوسع في الإسناد المباشر، وتضمنت التعديلات زيادة قيمة الإسناد المباشر من قبل الوزير من 5 إلى 10 ملايين جنيه في شراء المنقولات، وفى المقاولات من 10 إلى 20 مليون جنيه، وهى سلطة إسناد مباشر للوزير المختص، أما ما يزيد على ذلك فيتم العودة لمجلس الوزراء، وضاعفت الحد الأقصى لقيمة عمليات الإسناد المباشر لرئيس الهيئة أو المصلحة الحكومية من نصف مليون جنيه إلى مليون في شراء المنقولات، ومن مليون إلى خمسة ملايين في المقاولات.

حرمان المقاولات من المشاركة
المهندس حسن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة اتحاد مقاولى التشييد والبناء، علق على التوجه الحكومى بقوله: “الدولة توسعت بشكل غير مسبوق في الإسناد بنظام الأمر المباشر لتنفيذ المشروعات الجديدة بالشكل الذي أضر قطاع المقاولات، وحرم الكثير من شركات المقاولات المتميزة في السوق من المشاركة والمنافسة على الفوز بتنفيذ هذه المشروعات”.

وأكمل: الإسناد بالأمر المباشر أدى لتنفيذ عقود أعمال المشروعات بأسعار مرتفعة بنسب تزيد على 35% عن العقود التي كان من الممكن إبرامها عبر طرحها من خلال قانون المناقصات والمزايدات، وفتح الباب أمام مختلف الشركات الكفء والقادرة على تنفيذ هذه المشروعات.

وتابع: لا يمكن حصر كل المشروعات على عدد قليل من شركات المقاولات والتي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، ولافتا إلى أن أجهزة الدولة وكبار الموظفين باتوا يلجئون إلى إسناد تنفيذ المشروعات لشركات المقاولات الحكومية لعدم تعرضهم لأى مساءلة قانونية بعد ذلك أو إسناد المشروعات لشركات تابعة لجهات سيادية بالدولة بغض النظر عن أي شىء آخر.

يقتل روح المنافسة
الحديث السابق اتفق معه المهندس محمد عبد الرؤوف، عضو مجلس إدارة اتحاد مقاولى التشييد والبناء، وأكمل: الإسناد المباشر للمشروعات يقتل روح المنافسة بين الشركات، ويعبر عن عدم الالتزام بمعايير الشفافية، ويقلص عدد شركات المقاولات المتوسطة والصغيرة بالسوق، ويفتح أبواب الفساد أمام الكثير من الجهات ويحد من رفع مستوى وإمكانيات الشركات العاملة بالسوق.

وردا على سؤال حول أن مبرر الحكومة للتوسع في الإسناد بالأمر المباشر هو الإسراع من معدلات تنفيذ المشروعات واختصار الوقت، قال عبدالرؤوف: ليس هناك مبرر لعدم الالتزام بمعايير الشفافية والوضوح، والعدالة بين مختلف الأطراف، ويمكن الإسناد بالأمر المباشر في بعض الحالات الحرجة والأزمات مثل سقوط وانهيار كوبرى أو كارثة زلزال أو فيضان وغيره وحتى في تلك الحالات تطرح الدول الكبرى مناقصات محدودة بين الشركات وتفتح الباب للمنافسة بين الشركات.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية