رئيس التحرير
عصام كامل

هيكل يفسر أسباب انهيار التنظيم السري للإخوان

فيتو

بعد محاولة اغتيال البكباشى جمال عبد الناصر فيما عرف بحادث المنشية بالإسكندرية قامت حكومة الثورة بالقبض على فرق التنظيم السرى وأودعتهم السجون فكان ذلك بداية سقوط التنظيم السرى للإخوان.


وكما كتب الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل في جريدة الأهرام مقالا يفند فيه أسباب سقوط التنظيم ووسائل انتزاع الاعترافات من المتهمين قال فيه:

ففى 19 نوفمبر 1954 تساقطت قيادات التنظيم السرى وفصائله كأوراق الخريف الشاحبة الواحدة تلو الأخرى، وتدفقت الاعترافات من أفواههم كيف حدث هذا وماهو معناها، كنت أتصور أن العقيدة الجارفة إذا تملكت شابا مهووسا دفعته إلى أبعد حدود العنف ولا تتخلى عنه ساعة الأزمة ووقت يجيء الحساب.

رأيت الشباب المهووس بالعقيدة في شباب الأرجون في فلسطين وكيف علق الإنجليز لهم المشانق عام 1948 ولم يتخل عنهم حماسهم في مواجهة الموت.

وحضرت محاكمة قتلة لورد موين وزير الدولة البريطانى في الشرق الأوسط عام 1945 ولم يفتح واحد منهم فمه بكلمة ولا اعترف، وكنت أظن قبل الشهر الأخير أن النظام السرى للإخوان شيء من هذا الطراز.. شباب متحمس مندفع ركبته عقيدة جارفة سوف تمضي به إلى أبعد الحدود.

وأتساءل هنا كيف انهار النظام السرى الإرهابى بهذه الطريقة ؟
ولو أنى لم أدخل إلى السجن الحربى، ولم أقابل المعتقلين داخل أسواره لو أنى لم أفعل هذا كله لكنت همست بأن المحققين قد اكتشفوا وسيلة جديدة للتعذيب تنزع الأسرار والاعترافات انتزاعا من داخل البطون وأعماق القلوب.

ربما كنت قلت إنهم ينفخونهم لكى تصبح أجسادهم كالبالون المليء بالهواء فتخف الأسرار وتطفو على ذاكرتهم، لكنى دخلت السجن الحربى وقابلت المعتقلين وتابعت بعض التحقيقات. 

لقد رأيت الهضيبى وتحدثت إليه داخل السجن الحربى رأيته مثلا وهو متخيلا أن زوجته وأولاده في السجن بجواره، ورأيت ضباط السجن يؤكدون له أن هذا خيال ووهم ثم يمضون في تسكين خاطره بأن يطلبوا له زوجته في التليفون في بيتها ويناولونه السماعة ليكلمها ويسألها عن أفراد أسرته فردا فردا. 

فكيف أنكر كل هذا وأكذبه وأنسب الاعترافات السريعة المتدفقة إلى التعذيب، ثم رأيت إبراهيم الطيب وكان رئيس النظام الإرهابى في القاهرة يبدأ اعترافاته وهو ما زال في سيارة الاعتقال لم يصل بعد إلى السجن ويعترف بمكان يوسف طلعت فيقبض عليه.
 
وبعد هذا كله وفى المحكمة على مرأى ومسمع من الجمهور وعلى مسمع ميكروفونات العالم يستمر نفس المنظر المتهاوي وتبدأ الاعترافات ومن هنا تيقنت أنه ليست هناك عقيدة جارفة للتنظيم الخاص وكل الأمر ما هو إلا جرائم قتل وسطو مثل عصابات اللصوص. 

إن المهووس بفكرة حتى لو كانت خاطئة يقف عند الأزمة ثابتا مؤمنا بفكرته مدافعا عنها حتى النفس الأخير، أما المجرمون العاديون القتلة فهم وحدهم الذين يتهاونون ويركعون بمجرد مواجهتهم بالأدلة الدامغة على ما اقترفوه بل يلقون المسئولية على غيرهم للتخفيف عن أنفسهم نصيبهم من العقاب. 

وسأكون شاكرا لو قدم لى أحد تفسيرا آخر لما حدث من تهاو واعترافات.
الجريدة الرسمية