رئيس التحرير
عصام كامل

يوسف إدريس يكتب: هيكل الذي عرفته

الدكتور يوسف ادريس
الدكتور يوسف ادريس والصحفى محمد حسنين هيكل

نشرت مجلة نصف الدنيا عام 2000 حوارًا أجراه الصحفي محمد همام مع الأديب الدكتور يوسف إدريس، تحدث فيه عن الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل كتب فيه:


لمست في سنوات تعاملي مع هيكل في الفترة التي كان فيها رئيس تحرير جريدة الأهرام حتى خروجه عام 1974 أنه أرسى مبادئ مريحة جدًا للتعامل مع الكتاب.. فهو أولا كان يحترم جدًا ما أكتبه حتى لو اختلفت معه في الرأي.

وأذكر مرة أنني كتبتُ مقالًا وفوجئت بتصرف من هيكل معي، طلبتني نوال المحلاوي سكرتيرته وأبلغتني أن الأستاذ هيكل يريد أن أتحدث معه لأمر ما، وعندما دخلت مكتبه وتحدثت معي قال لي: «الكلمة دي مش قوي في المقال، هل تحب أن نغيرها أم نشيلها؟». 

اندهشت.. كلمة واحدة لا أكثر يستأذني فيها الأستاذ هيكل وأنا لسة جاي من جريدة الجمهورية التي كان رئيس التحرير فيها يفك ما تكتبه بكل بساطة ويعيد ترتيبه من جديد كي تؤدي معنى مغايرًا لما كتبته وقصدته.

ببساطة قلت له خلاص يا أستاذ هيكل غير هذه الكلمة، فيقول لي بدماثته المعهودة: «لأ أنا حابعتلك المقال وأنت تتصرف في الكلمة بمعرفتك يادكتور يوسف»، إلى هذا الحد كان احترامه للكلمة، أذكر مرة قال لي كنوع من المداعبة: «أنت أغلى كاتب في مصر والعالم العربي».. قلت له: «ليه؟»، فقال: «أنت تكتب قليلا ولو حسبتها المقالة الواحدة يبقى تقف بكذا عند الأهرام».

يوم الأربعاء كان يدعوني أسبوعيا للغداء على حسابه في كافتيريا الأهرام مع آخرين، وكان النقاش يدور في الأدب والفكر والسياسة والاقتصاد، وكان متذوقا عظيما للكلمة ولديه تقييم حقيقي للكاتب.

ولا أعرف أن كان يعمل كذلك بتواضع أم بخبث فكان يقول: «إحنا ناس صحفيين بتوع صحافة وأنت كاتب عظيم وقصاص». 

يعني هنا كان يضعك في مجال الخلق والابتكار، بينما يضع نفسه في مجال التوثيق والرسم بالكلمات؛ لكني كنت أرد عليه وأقول له إنني لا أستطيع أن أعمل إلا بالصحافة فهي ليست مجرد عمل وهواية أو أكل عيش أنها حياتي أنها أنا.
الجريدة الرسمية