خيري شلبي يكتب: النكتة المأساوية
في مجلة نصف الدنيا عام 2005 وفى ملف كامل عن «الضحك» كتب الأديب خيرى شلبى مقالا عن اختفاء روح الفكاهة عند المصريين قال فيه:
القول باختفاء النكتة المصرية له تفسير واحد، وهو أن الشعب المصرى الحقيقى غير موجود، لكن الموجود شعب صناعي مثل المسلى الصناعى، الشعب الحقيقى اختفى وحلت بدلا منه الطبقات الفهلوية والباحثون عن الثراء بأى ثمن، والذين استفادوا من الرواج الكاذب في السبعينات، هؤلاء هم الذين يمتلكون الأموال وهم القادرون على دفع ثمن تذكرة السينما والمسرح التجاري وحفلات أضواء المدينة، ومن ثم فإن هؤلاء أصبح لهم رأي عام سائد ضد القيم الحقيقية التي توارثها هذا الشعب وتعب كثيرا لكى يرسخها.
هذه الطبقة الطفيلية فقيرة الوجدان وأصحابها ليست لهم ثقافة حقيقية، وبالتالى فروح الشعب المصرى التي كنا نعرفها ليست موجودة عندهم، ولكنها كامنة في أفراد الشعب الذين لم يستفيدوا من هذه الفوضى، والذين تحول الحس الفكاهي عندهم إلى حس مأساوي، هو حس نكتة لكنها النكتة المأساوية.. قد تضحك لكنها تبكي أكثر.
عموما لا أظن أن روح الفكاهة غادرت الشعب المصرى، ولكنها تكمن في بعض الفترات القاسية لتعاود الظهور مرة أخرى، كما أن موجة النكات التي شاعت عن الصعايدة في الفترة القليلة الماضية لها دلالة خطيرة لأن ثلاثة أرباعها لم تكن من تأليف لبناء القاهرة أو الوجه البحرى، لكنها من تأليف الصعايدة أنفسهم.
وكأن المصريون يريدون أن يقولوا إننا قررنا التنكيت على أنفسنا؛ لأن الأوضاع لم تعد تسمح بالنكتة الحريفة أو التنكيت الحقيقى.
