رئيس التحرير
عصام كامل

رئيسة الإذاعة المصرية.. الإعلاميون الجدد!!


عبارة خالدة أطلقتها العظيمة "ماري منيب" حين قالت حكمتها التاريخية: فرح عديلة.. هد.. هد بلا نيلة.. وعلي هذه الخطى تسير بإخلاص السيدة رئيس الإذاعة لطريقة المحطة الإذاعية الوحيدة التي لن تجد بها غناء هابطا أو مذيعا عبيطا ومعه ضيف أعبط منه.. المحطة التي يتشبث بها المستمع ليتزود ببعض ما تبقى من ثقافتنا وتحضرنا.. والتي تقدم وحدها روائع الإبداع المصري والعالمي.. نافذة أدباء مصر ومثقفيها.. بلا ثقافة بلا نيلة.. نعمل إيه بالثقافة ونهبب بيها إيه.. إحنا عايزين شوية هييء ومييء.. على شوية تفاهة وسطحية.. عايزين ننطلق بقى.


أومال ح نجيب البلد دي الأرض إزاي؟ بصوا كده م الآخر.. هل تتذكرون الحاج جوبلز أيوه بتاع هتلر رحمة الله عليه لما قال "عندما أسمع كلمة ثقافة أتحسس مسدسي" أنا بقي كلما أسمع كلمة ثقافة أتحسس دبوس طرحتي واللي ح يجي جنبي حغزه.. لذا كان أهم قرار حرصت على إصداره هو تقليص ساعات الإرسال للشبكة الثقافية لتبدأ من الساعة السابعة مساءً بدلًا من الثالثة ظهرًا واعتبرت ذلك أهم منجزاتها أن تحرم المستمع من أفضل ساعات الاستماع لتتيح الفرصة لبرامج التوك شو التافهة والأغاني الهابطة كي تتسيد الساحة..

وبدلًا من أن تزيد ساعات الإرسال الثقافي وميزانية الإنتاج الدرامي قررت تجيب الإذاعة لمس أكتاف.. وتفننت العبقرية الفريدة على أنها بساعات الإرسال المسروقة من الشبكة الثقافية سوف تنشئ محطة جديدة باسم راديو زمان لإذاعة ذكريات إذاعية من الساعة السابعة صباحًا إلى الساعة السابعة مساءً.. مجد جديد سوف يحسب لها.. فقد أضافت إلى المحطات الإذاعية محطة جديدة.. والحقيقة أنه ليس مجدًا جديدًا ولا هبابًا فريدًا ولكنه خيبة بالويبة وتأكيد على أنها تريد أن تقتات على جهد وإبداع من سبقوها.. تريد أن تؤكد أنها لا تستطيع أن تقدم اليوم شيئًا ثمينًا بديلًا عن الغث الذي نسمعه فقررت أن تستولي على نجاح القمم السابقة.. والبعض قد يرى أن فقرات إذاعية قديمة قد يكون لها رونق جميل.. ولكن ذلك لا يعني سوى أن الفقرات الإذاعية اليوم باهتة وتافهة وبلا قيمة.. وحتى إذا أرادت سيادتها أن تقيم محطة جديدة فلماذا لم تقدمها على تردد جديد؟

سيدتي كنت أتصور أن تكون أهم مشاغلك الارتقاء بالثقافة وببناء الفكر في هذه الفترة العصيبة التي يحاط فيها المواطن بالسخف والتفاهة وانحطاط الأخلاق.. كنت أتصور أن مهمتك كرئيس لأعرق إذاعة في الشرق. هو حل مصيبة الإذاعات الموجهة التي تعلمين أنها تسجل برامج وتستضيف ضيوفا ويتقاضى العاملون بها مرتبات وهي بلا تردد أصلًا وليس لها وجود وكأنها خدعة الكاميرا الخفية.. ولن أنسى يوم أن أخبرني صديق بأنه كان ضيفا على إحدى تلك الإذاعات الموجهة وبعد التسجيل سأل المعد عن موعد إذاعة الحلقة فأخبره أن ما يسجل لا يذاع من أصله.

كنت أتوهم أن مهمتك الأولى ستكون إحياء هذه الإذاعات التي كانت تربط العالم وتحدث الشعوب بلغتها وشكلت وجدانها لتظهر صورة مصر الحقيقية في ظروفنا الراهنة.. كنت أتوهم أنك ستحاولين بعث الروح في جثث المحطات الميتة مثل إذاعة تعليم الكبار أو صوت فلسطين.. كنت أعتقد أنك مهمومة بالفصل بين المحطات لتعود لكل إذاعة شخصيتها وملامحها بعد أن أصبحت جميعها مسخ بلا لون ولا طعم.. كنت متوهمًا لدرجة العبط.. وبدل من ذلك كله كان استهدافك للمحطة الإذاعية الوحيدة التي تحاول باستماتة أن تحفظ لمصر وجهها الحضاري من التسطح والابتذال.. وهو أمر يتفق تمامًا مع ما كان يريده الإخوان من طمس للهوية وتسطيح للفكر وتحقير للعقل.. إلى جانب من يصدرون الإفشال والإحباط والتشكيك بلا مبرر وينشرون الشائعات التي لا هدف منها سوي انهيار الوطن. 

ولذلك لا أتوجه بكلماتي إلى السيدة رئيس الاتحاد. بل إلى رأس الدولة.. من يهمه الأمر.. إن كان ما يحدث عمدًا فذلك أمر يستحق المساءلة وإن كان جهلًا فهي لا تستحق أن تبقي في منصبها وكفانا حسرة.. فهذا المنصب الرفيع الذي يبني الفكر والعقل يستحق نظرة. بدلًا من أن تحتله مسز جوبلز أو ماري منيب ويكون شعارها.. الهيء ميء.. والثقافة لأ.
الجريدة الرسمية
عاجل