رئيس التحرير
عصام كامل

علي عمر يكتب: وداعا للعرب بعد صرخة وجع

على عمر
على عمر

السماء انشقت والأرض تقسمت والنفوس تحولت وباءت الحياة منا وأصبحت تشتكي من غرورنا عليها، وانفلق الحجر حين أيقن بأن هناك من هو أقسى منه على تلك الأرض، عيون تتحسر على فراق أحبائها الذين رحلوا بلا وداع وماتوا بلا عزاء وانتقلوا للعالم الآخر دون رحمة أو شفقة، ودعوا دنياهم وبداخلهم نار تحترق.


رحل أحدهم دون أن يعلم أي ذنب قد اقترف، فقد كان أعزل بلا سلاح واقف لم يتمنَ من حياته سوى أن يحيا حياة يرضاها دون انكسار فيها أو ذل، فقد كانوا هناك ينادون فلا يسمع أحدهم النداء، يصرخون وفى المقابل لهم يضحكون، يستغيثون وروح الحياة تودعهم، يستغيثون بمن يشتركون معهم بشريان واحد ووطن واحد ولكن ما من مغيث لهم سوى خالقهم الذي فضل لهم أن ينتقلوا اليه ليرحمهم من آلامهم التي تسبب فيها إخوانهم، ما لقابيل يقتل أخاه وما لوطن يهدم نفسه، فسيكفيكهم الله فلا تحزنوا فالعدل آتٍ حين يؤمن أهل المظلمة بحقهم.

لايزال الدم رخيصًا حتى نخرج من عباءات النخاسة والجبن فقوى المرء بحسن تدبيره لا بكثرة تمرده أعوا الكلام ولا تتحيروا بين صفحات الأحزان، تبرير الظلم ظلم، ولا نحسب أن الدفاع عنه سيجدي ولا نخرج من مشاعر الخزي إلا حين نَقدم على الحرية، ومن يختبىء بالجحر خشية من جبروت البشر فالموت أهون من أفعال الجرذان، وما تُصنع الفراعين إلا بانحناء حاشيتهم دون وعي ولا إدراك!! المشاعر وحدها لا تكفي، فالصورة التي تضعها وكلمات مساندة لا تكفي، فوجع القلب ورغرغة العين ورفعة الأيدي بجوف الليل تدعو بالانتقام ورحمة للأحرار، أين نجده!

فأين الروح المشتعلة بلهيب الغيرة على الوطن وجبر الطاغي لرغبة المولعين للحرية والأمان، فاخرجوا من مواقع الكتمان وعبروا عن الأسى بالأفعال لا بالكلام فسلام على الذي حمى أولاده لكي يبقوا على قيد الحياة، سلام على الطفل الرضيع الذي لم يرَ بعد جمال الحياة، سلام على الأم االتي يموت لها كل ليلة ابن سبب بقائها بالحياة، سلام على الشيخ العجوز الذي عاش الواقع ورجى الخيال ودعوته بالسجود هزت أرجاء السماء، وسلام على الشاب الذي ضحى بنفسه لأجل كل هولاء.
الجريدة الرسمية