رئيس التحرير
عصام كامل

الأسطى أشرف.. «طبيب» التكاتك

فيتو

أشرف هاني.. طفل لم يكمل عامه الحادى عشر بعد.. ظروف والده الصعبة أجبرته على العمل في سن مبكرة لإنقاذ عائلته من المصير المجهول.. يعيش ظروفًا قاسية لا تتناسب مع عمره، يحلم باليوم الذي يتم فيه دراسته ويتخرج في كلية الطب، لم يعرف أشرف طوال حياته معنى الطفولة ولم يعش أحاسيس الأطفال، ولم يضبط نفسه يوما متلبسا في اللعب واللهو مثل بقية أقرانه رغم الابتسامه البرئية التي تملأ وجهه.


في بداية حديثه قال أشرف: «أعمل بهذه الورشة منذ سنوات ورغم صغر سنى إلا أننى أصبحت الآن أقوم بجميع الأعمال التي تتم في الورشة حتى إن الأسطى يترك لى الورشة ويذهب وهو مطمئن، ووالدتى هي من أحضرتنى للأسطى صاحب الورشة، وطلبت منه أن أعمل معه، وأن يعلمنى صنعة تنفعنى عندما أكبر، وبالفعل وافق، ومنذ أكثر من 3 سنوات وأنا أعمل معه بورشته بمركز أبو حماد».

وعن سبب إقدامه على العمل في مثل هذه السن الصغيرة قال: «أعلم جيدا أن ظروفنا المادية صعبة وأبى لا يستطيع توفير احتياجاتنا لهذا أحببت أن أعمل وأساعده، وعندما طلبت منى أمى أن أعمل لم أتردد ولم أغضب، ووافقت، ويوميا أستيقظ مبكرًا للذهاب للعمل».

وحكى أشرف تفاصيل عن أسرته قائلا: «نحن أسرة صغيرة جدا مكونة من والدى -35 عاما- يعمل عاملا بمغسلة بأبو حماد، ووالدتى -30 عاما- تعمل باليومية بالمنازل، وشقيقتى 3 سنوات، ما زالت طفلة صغيرة، وما زلت حتى هذه اللحظة أواصل دراستى بالمدرسة، ونجحت في الصف الثالث الابتدائي، ومنقول للصف الرابع، ولن أترك الدراسة أبدًا، فأنا أعمل لكى أستطيع شراء مستلزمات المدرسة والملابس الخاصة بها حتى لا يسخر زملائى منى لارتدائى ملابس رثة كما كان يحدث قبل أن أعمل بالورشة».

وعن أهم أمنياته للمستقبل، قال: «أتمنى من الله ألا تقسو عليَّ الحياة، وتصعب الظروف وتجبرنى أن أترك المدرسة لأى سبب من الأسباب، فأنا أتغلب على تعبى في شغلى بحلمى أنى أكون حاجة كويسة في المستقبل، وأكمل دراسة وأبقى دكتور أو مهندس والكل يتكلم عليا كويس».

وتحدث أشرف عن الأموال التي يحصل عليها من عمله قائلا: «الأسطى كان بيدينى كام جنيه في الأول عشان كنت لسه صغير وبتعلم، لكن الآن بقبض 15 جنيه باخدهم كل أسبوع، ومش باخد الفلوس لنفسي، أنا أي فلوس الأسطى بيديهالى بروح أديها لأمى على طول، وهى بتوفر لى الفلوس عشان أشترى مستلزمات المدرسة، واللبس، وكمان بتاخد من الفلوس عشان تشترى حاجات لأختى الصغيرة (منة)، وعندما تدخل مبلغ كويس تعطيه لأبى لمساعدته في تكاليف الأكل والشرب».

وأضاف: «أنا مبسوط في شغلى فأنا معرفش حاجة تانية غيره، ولا أستطيع عمل شيء غيره، وأيام الدراسة بغيب كتير بس بحاول أحافظ على الدراسة، وأنى متطردش من المدرسة، فأنا بشتغل وبتعب عشان أقدر أستمر في المدرسة، وبدعى ربنا إن الظروف متحكمش عليا أسيبها».

وواصل أشرف حديثه عن التعليم والعمل قائلا: «أمى وأبويا بيفرحوا لما بنجح، وكل سنه بيكونوا خايفين إنى أسقط في المدرسة وأعيد السنة، لأنى بكون أغلب الوقت مشغول بعملى كصبى بورشة تصنيع السيارت، وعمرهم ما طلبوا منى أنى أسيب الدراسة وأتفرغ للعمل في الورشة، ولولا متاعب الحياة والظروف المعيشية الصعبة عمر أبويا وأمى ما كانوا وافقوا أنى أشتغل أثناء الدراسة».

ويضيف: «أنا مش حاسس إنى طفل، ولا عرفت يعنى إيه طفولة ولعب، من سنين رغم إن سنى لسه 10 سنوات فقط، فأنا بسبب عملى كصبى بالورشة مليش صحاب ولا بفضل اللعب في الشارع زيهم، أنا لما بشوف الأطفال اللى في سنى وأكبر منى بيفضلوا يجروا ويضحكوا ويلعبوا بكون نفسى أرمى اللى في أيدي وأروح ألعب معاهم وأفرح وأضحك، لكن مقدرش أعمل كده، لأنى لو سبت الشغل هجيب لبس منين، ومين هيساعد أبويا وأمى غيري».

وعن أبرز المشاكل التي تواجهه في عمله قال: «الحمد لله مفيش مشاكل في عملى كصبى بالورشة، فأنا لا أتلقى أي فلوس من أصحاب السيارات أو التوك توك، فهذه مهمة الأسطى، أنا فقط أعمل ما يطلبه مني، وكنت زمان لسه متعلمتش فكان قاسى معايا وكنت مستغرب معاملة الناس ليا وإن في حد يزعقلي، بس دلوقتى اتعلمت واتعودت على أسلوب ناس كتير وحش معايا، واتعلمت أرد عليهم».

وعن أمنيته قال: «أنا عايز الرئيس عبد الفتاح السيسي ياخد باله من الغلابة شوية، أنا طفل وبسبب ظروف عائلتى مش عارف أعيش سنى ولا ألعب زى صحابي، بشتغل وبتعب من صغرى عشان أعرف ألبس وأختى تعرف تاكل كويس، أنا نفسى الحكومة تشوف إزاى إحنا مش عايشين أنا أبويا بيصعب عليا لأنه مش عارف يصرف علينا ويربينا كويس».
الجريدة الرسمية