رئيس التحرير
عصام كامل

5 سنوات على رحيل رائد الدراما المصرية.. "أسامة أنور عكاشة" انتقد التغيرات السياسية والاجتماعية في مصر.. أرابيسك والمصراوية "أبرز أعماله".. تنبأ بالثورة في "موجة حارة" وابتعد عن سينما المقاولات


كاتب استطاع رصد تغيرات المجتمع المصري وتحولاته بإمتياز، محللا الأسباب والنتائج للظروف التي تعيشها البلاد حاليا، إنه الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، الذي فارق الحياة في 28 مايو عام 2010.


خمس سنوات على رحيله فقدت فيها الدراما المصرية الكثير من رونقها، خاصة أنه امتلك عينا ثاقبة رصدت وعقلا تحليليا ورؤية للمستقبل الذي رصده في أعماله "ليالي الحلمية، أرابيسك، الراية البيضا، كتيبة الإعدام" وغيرها من الأعمال التي انتقدت وبقوة التغيرات السياسية والاجتماعية والدينية في مصر منذ ثورة يوليو والتي آمن بها وبرمزها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حلم مثل أبناء هذا الجيل أن تغير الثورة مصر إلى الأفضل.

بداياته

ولد عكاشة لأب كان يعمل تاجرا وتلقى تعليمه الأساسي في مدارس كفر الشيخ مسقط رأس والده قبل أن يلتحق بجامعة عين شمس في نهاية الخمسينيات في القرن الماضي لدراسة الآداب حتى حصل على ليسانس الآداب في قسم الدراسات النفسية والاجتماعية بها في عام 1962.

عمل بعد تخرجه من الجامعة في عدد من مؤسسات وزارة التربية والتعليم ورعاية الأحداث حيث عمل مدرسا بالتربية والتعليم عام 1963، قبل أن يصبح عضوا فنيا بديوان محافظة كفر الشيخ، وعمل إخصائيا اجتماعيا بجامعة الأزهر في الفترة من (1966- 1982 ) قبل أن يتقدم باستقالته في نهاية السبعينيات من العمل الحكومي.

تفرغه للكتابة

تفرغ للكتابة فقدم العشرات من الأعمال الأدبية ومنها أرج الدنيا، مجموعة قصصية، أحلام في برج بابل، مقاطع من أغنية قديمة، مجموعة قصصية،منخفض الهند الموسمي، وهج الصيف، سوناتا لتشرين، قبل أن يتحول إلى العمل بالكتابة الدرامية على يد الكاتب سليمان فياض.

بدايته مع التليفزيون

بدأت علاقته بالتليفزيون مصادفة عندما حصل فياض على مجموعة قصصية له وأعد إحداها في شكل سهرة تليفزيونية، وبعدها بعام اختار المخرج كرم النجار قصة أخرى من المجموعة بعنوان "الإنسان والحبل"، وقدمها في شكل سهرة تليفزيونية، بعدها بدأ في كتابة السيناريو لأول مرة.

أعماله

اهتم الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة بالطبقة الوسطى وآمن بأنها رمانة الميزان للمجتمع والظروف والضربات القاسية التي تعرضت لها تلك الشريحة الاجتماعية وتغيبهم وهجرتهم الجماعية تجاه دول النفط وما ترتب على ذلك من اختلاف للذوق والشكل المصري.

انتقاد سياسة الانفتاح

وانتقد بشدة سياسة الانفتاح التي أدت إلى نشأة طبقة جديدة طفيلية من رجال الأعمال القادمين من قاع المجتمع وفرضهم لسلوكهم وأخلاقيتهم وسحقهم لكل الطبقات وذلك في أعمال "أنا وانت وبابا في المشمش" ورائعته "الراية البيضا" والتي رصد من خلالها تدمير رأس المال للقيم الإنسانية والجمالية ورحلة أبو العلا البشري" و"أرابيسك" التي طرح من خلالها فكرة تلون المدنية وغياب الهوية والتحول للقبح ومسلسل "ضمير أبلة حكمت" الذي دق من خلاله أسامة، ناقوس الخطر لما يحدث داخل المدارس من غياب كامل للتربية والقيم الأخلاقية، وتغييب للأفكار وتهيئة المناخ للتطرف الديني.

وفي مسلسل "امرأة من زمن الحب" طرح أهمية حاجة هذا المجتمع للحب والترابط الأسري وقدم أعمالا أخرى مثل"المصراوية"، ما زال النيل يجري" والعديد من الأعمال الدرامية التي اقتربت من 40 عملا.

تنبؤه بالثورة

كان أسامة مؤمنا بالثورة متوقعا لها خائفا على هذا المولود من قوة وبطش النظام الحاكم وهذا ما اتضح في مسلسل "موجة حارة" والمأخوذ عن رواية "منخفض الهند الموسمي" والذي قدم تليفزيونيا على يد الكاتبة مريم ناعوم بعد 3 أعوام على رحيل عكاشة.

آراؤه

كان عكاشة لا يخاف لومة أي لائم لذلك أثارت تصريحاته حول شخصية عمرو بن العاص والتي نعته خلالها بأوصاف اعتبرها الكثيرون لا تليق بأحد صحابة الرسول محمد، الجدل وأحدث الأمر ضجة في الأوساط الدينية في مصر خاصة أنه قال إن ابن العاص لا يستحق أن يمجد في عمل درامي من تأليفه.

وجه عكاشة ضربات موجعة إلى التطرف وأفكاره ووجه انتقادات في مقالاته وأعماله للمتشددين وسخر منهم ومن أفكارهم وكان له مقال شهير في جريدة الأهرام بعنوان "أبناء الزنا كيف صاروا أمراء المسلمين" والذي أثار ضجة كبيرة واتهم بسببه بالتشيع.

السينما في حياته

ركز أسامة أنور عكاشة على تقديم الأعمال الدرامية التليفزيونية والتي حقق فيها نجاحا كبيرا ورغم قلة عدد أفلامه السينمائية ومنها "كتيبة الإعدام، تحت الصفر، الهجامة، دماء على الأسفلت" إلا أنها جميعا كانت تخدم أفكاره وتوجهاته، ففي فيلم كتيبة الإعدام يجتمع كل من عكاشة والمخرج العبقري عاطف الطيب في عمل وحيد ليحكوا قصصا عن الخيانة والانفتاح وإختراق المجتمع وغياب القانون أما فيلم الهجامة فيطرح رؤيته لفترة السبعينيات وانتفاضة الشعب المصري ومواجهة السلطة العجوزة للأفكار وسحقهم للشباب
ويبدو أن السياسة وأفكاره الثائرة في السينما هي ما جعلته بعيدا عنها في وقت كانت سينما المقاولات الأكثر رواجا.

الجريدة الرسمية