رفعت فياض يكتب: رؤية رئاسية تقود نهضة التعليم في مصر نحو المستقبل الرقمي.. 236 ألف طالب يتمون المحتوى التدريبي الياباتي بالكامل على منصة “كيريو”.. وحلول جذرية لمشاكل مزمنة بالتعليم
اللقاءات المتكررة التي يعقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع قيادات قطاع التعليم في مصر، وتحديدًا التعليم العام والفني الذي يضم اليوم ما يقرب من 25 مليون طالب وطالبة يبعث على شعور المصريين، ومنهم كاتب هذه السطور، بقدر كبير من الاطمئنان.
ويأتي هذا الاهتمام الرئاسي المتواصل انطلاقًا من إيمان واضح بأن التعليم ليس مجرد قطاع خدمي، بل ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي، وأن جودة مخرجاته ستنعكس على الدولة بأكملها في مختلف المجالات.
وفي هذا الإطار، جاء لقاء الرئيس اليوم مع الدكتور محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ليعرض الوزير أمام الرئيس أحدث ما تحقق في مسيرة تطوير التعليم، وعلى رأسه بدء تدريس مادة البرمجة والذكاء الاصطناعي لأول مرة لطلاب الصف الأول الثانوي في العام الدراسي الجاري.
شراكة مصرية–يابانية لتعزيز التعليم الرقمي
المادة الجديدة تُدرَّس هذا العام بالشراكة مع اليابان عبر منصة إلكترونية تحت إشراف جامعة هيروشيما، بحيث يدرس الطالب المصري نفس المحتوى المقرر للطالب الياباني.
وقد جاءت النتائج مفاجِئة ومبشرة؛ إذ أتم أكثر من 236 ألف طالب المحتوى التدريبي بالكامل على منصة “كيريو”.
وتكمن أهمية هذه الخطوة في أن الطلاب سيحصلون عقب التخرج على شهادة دولية معتمدة من جامعة هيروشيما، تتيح لهم فرصًا للعمل في مجالات البرمجة والذكاء الاصطناعي محليًا ودوليًا، وهو ما يشجع على دمج التكنولوجيا في مختلف مسارات التعليم.
وبناءً على هذا النجاح، أعلن الوزير أمام الرئيس بدء إدخال المادة نفسها إلى برامج التعليم الفني بدءًا من العام الدراسي 2026 / 2027.
مناهج ابتدائية جديدة بمعايير دولية
لم يتوقف التعاون المصري–الياباني عند المرحلة الثانوية؛ إذ بدأت الوزارة هذا العام تدريس منهج الرياضيات الياباني لطلاب الصف الأول الابتدائي، وهو نفس المنهج الذي يدرسه الطالب الياباني. وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة شاملة لرفع مهارات التفكير وحل المشكلات لدى التلاميذ منذ سنواتهم الأولى.
شهادة البكالوريا المصرية… نقلة نوعية في الثانوية العامة
شهد اللقاء كذلك استعراضًا لتجربة “البكالوريا المصرية” التي تطبق لأول مرة، والتي جذبت ما يقرب من 90% من طلاب الصف الأول الثانوي لما توفره من مسارات متنوعة وفرص متعددة للامتحانات، بعيدًا عن نظام “الفرصة الواحدة” الذي ظل مسيطرًا لعقود.
تطوير التعليم الفني… شراكات وتدريب وفرص عمل
استعرض الوزير أمام الرئيس أيضًا التطور الكبير في منظومة التعليم الفني، لاسيما التوسع في مدارس التكنولوجيا التطبيقية التي وصل عددها إلى 115 مدرسة في العام 2025/2026، مع ربط الدراسة بالتدريب العملي وشراكات مع القطاع الخاص، إضافة إلى اتفاقات دولية تمنح الخريجين شهادات معتمدة تضاهي نظيراتها في الخارج.
المدارس اليابانية… نحو 500 مدرسة خلال خمس سنوات
وفيما يتعلق بالمدارس اليابانية، وجّه الرئيس بزيادة عددها إلى 500 مدرسة خلال خمس سنوات، لتصبح مراكز إشعاع تربوي تسهم في نقل التجربة اليابانية إلى المدارس المصرية المجاورة بما يعزز الانضباط وجودة العملية التعليمية.
حل مشكلات مزمنة… وتقدم ملحوظ
كما تابع الرئيس نجاح وزارة التربية والتعليم في معالجة الكثير من التحديات المتراكمة على مدى عشرات السنين الماضية من عجز فى المدرسين وزيادة كثافة الفصول بشكل مرعب يهدد العملية التعليمية بالكامل، وكيف نجحت الوزارة حتى الآن فى القضاء على العجز في المدرسين بالمواد الأساسية، وخفض الكثافات الطلابية في الفصول إلى أقل من ٥٠ طالبًا، وضمان تسليم الكتب الدراسية في مواعيدها.
مستقبل التعليم يبدو أكثر وضوحًا
إن هذه المتابعة الرئاسية المستمرة، وما يصاحبها من خطوات تنفيذية على أرض الواقع، تجعل الكثيرين يشعرون بتفاؤل حقيقي تجاه مستقبل التعليم في مصر. فالتطوير لم يعد مجرد خطط على الورق، بل تحول إلى برامج تُنفذ، ومناهج تُحدّث، وشراكات دولية تُبرم، ونتائج تُعلن.
ومع استمرار هذه الجهود، يقترب التعليم في مصر من تحقيق الطموح بأن يكون نظامًا عصريًا قادرًا على إعداد أجيال مواكبة للعصر ومتطلباته، وقادرة على قيادة الدولة نحو مستقبل أكثر تطورًا واستقرارًا.