فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

عباقرة ولكن مجهولون.. بغا الكبير، قائد شجاع لم يلبس درعا ولم يصب بجرح

بغا الكَبِير أبو
بغا الكَبِير أبو موسى، فيتو

على مر التاريخ الإسلامي لمعت أسماء عباقرة في مختلف المجالات مثل: ابن الخطاب، والصديق، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، والبخاري، والشافعي، وابن حنبل، ابن سينا.. ابن رشد.. الكندي.. الفارابي.. الخوارزمي.. الطبري.. أبو حامد الغزالي.. البوصيري.. حتى محمد عبده.. المراغي.. المنفلوطي.. رفاعة الطهطاوي.. طه حسين.. العقاد.. أحمد شوقي.. عبد الحليم محمود.. محمد رفعت.. النقشبندي.. الحصري.. عبد الباسط.. وغيرهم، في العصر الحديث.
لكن هناك أسماء مهمة كان لها بصماتها القوية على العلم والحضارة، ولا يكاد يعرفها أحد، وفي هذه الحلقات نتناول سير بعض هؤلاء العباقرة المجهولين.

 

 

 

بغا الكبير، قائد شجاع لم يلبس درعا ولم يصب بجرح  

نحن أمام قصة كفاح وعبقرية عسكرية، وشخصية تتسم بالتقوى والصلاح.. “بغا الكبير” أو بُغا الأكبر" كان في بداية حياته مملوكًا، إلا أنه صار قائدا فذا، وكان مشهودا له بالشجاعة والإقدام، وفيه دين وحسن إسلام، وَقيل إِنَّه كَانَ يُخوض غمار الحروب دون أن يرتدي درعا وَمَا جرح قطّ. 

من هو؟

هو "بغا الكَبِير أبو موسى" التركي، قائد عباسي عسكري، تركي الأصل، أُوكلت له مهام عدة، قاتل مع "الدولة العباسية" في عدد من المعارك.
كان في بداية حياته مملوكًا للوزير "الحسن بن سهل"، وكان رجلًا معروفا بعناده، لكنه لم يكن فصيحًا في كلامه، إلا أنه مع ذلك مشهود له بالشجاعة والإقدام وفيه دين وحسن إسلام، وَقيل إِنَّه كَانَ يُبَاشر الحروب، وَلم يكن يلبس درعًا وَمَا جرح قطّ.
وكان جنديًا مقدَّمًا في عهد الخليفة "المعتصم بالله"، ثم أصبح قائدًا عسكريا في عهد "الواثق بالله"، فمعاونًا في عهد "المتوكل على الله" سنة 243هـ، ثم ولاه "المستعين بالله" ديوان البريد عندما كبر سنه.

ومن فرط شجاعة "بغا الكبير"، أنه مر ومعه بعض الجنود بقرية، كان أهلها يشتكون من هجوم متكرر من أسد خرج من الغابة، فثار الأسد في وجهه، لكن بغا ثبت ورمى الأسد بسهم أصاب رأسه، فما اجترأ أحد على الترجل من على حصانه للتأكد من موته، حتى نزل "بغا" فوجده قد مات.

معاركه وانتصاراته

ومن أبرز إنجازات "بغا الكبير" مشاركته مع "الأفشين" لقتال الزنديق "بابك الخرمي"، ثم قاد حملة للقضاء على تمرد القبائل في نجد وشرقي المدينة.
وتعتبر هذه الحملة أبرز أعماله، واستمر في حملاته التأديبية 5 سنوات، نجح خلالها في استئصال شأفة هذه القبائل المتمردة.
تمكن بعدها "بغا الكبير" من غزو "الصائفة"، ثم قام بقتال المتمرد "إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل" مولى "بني أُميَّة" فظفر بِهِ وَقَتله، وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى الخليفة "المتَوَكل".

وشارك أيضًا في معركة عمورية في 838 مع حملة المعتصم بالله، والتي قادها الخليفة العباسي المعتصم بالله بنفسه، حيث قاد بغا مؤخرة الجيش، وخدم فيما بعد كحاجب للخليفة، وذلك في عامي 844/845.

توجه بغا إلى الثغور (الحدود) لمواجهة الإمبراطورية البيزنطية في 857/858، حيث حقق انتصارات، وبقي هناك لسنوات قليلة. فكان غائبًا عن سامراء وقت اغتيال “المتوكل”، لكنه عاد فور سماعه بنبأ مقتل الخليفة. 

وبعد وفاة الخليفة "المنتصر بالله" وريث المتوكل، بعد بضعة أشهر، اختار بغا والقادة الأتراك الآخرون “المستعين بالله” خلفا له. 

ترميم بئر أبي موسى الأشعري

قام "بغا الكبير" بترميم بئر كانت لـ"أبي موسى الأشعري"، رضي الله عنه، في شِعب "أبي دب".
كما امتلك “عرجون ابن جحش”، والتفاصيل أنه في يوم "أُحُد" انكسر سيف "عبد الله بن جحش"، رضي الله عنه، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عرجونًا (خشب من النخل)، فصار في يده سيفًا وكان يسمى "العرجون"، وقد بقي هذا السيف حتى اشتراه "بغا الكبير" بمائتي دينار.

وفاته

أصاب المرض "بغا الكبير" في جمادى الآخرة عام 248هـ، فعاده الخليفة "المستعين بالله" في النصف منها، ومات من يومه في سن كبيرة، يقال إنه كان يبلغ من العمر أكثر من 90 سنة هجرية.

وبعد وفاته تولى ابنه "موسى" أعماله ومناصبه كلها، ومنها ديوان البريد.