فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

تأثير قرار المركزي بتثبيت الفائدة على المواطن العادي.. خبراء: يجنب السوق أي موجات تضخمية محتملة بعد الزيادة الأخيرة بأسعار المحروقات.. ويوفر الأمان والعائد الثابت بالسوق المصرفية

تثبيت سعر الفائدة،
تثبيت سعر الفائدة، فيتو

في ظل تسارع تطورات الاقتصاد المصري وزيادة الضغوط على ميزانيات الأسر، جاء قرار البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة ليطرح تساؤلات هامة حول تأثيراته المباشرة على حياة المواطن العادي، فرغم أن هذا القرار يرتبط عادةً بالمؤشرات الكلية مثل التضخم وسعر الصرف وتدفقات الاستثمار، إلا أن تأثيراته تشمل أيضًا قدرة الأفراد على الاقتراض، وجاذبية شهادات الادخار، ومستقبل الأسعار في الأسواق، بالإضافة إلى توقعات الخبراء ومخاوف الشارع.


قال الدكتور هاني أبو الفتوح، الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لـ “فيتو”: إن قرار الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير جاء نتيجة محاولة البنك المركزي الحفاظ على معدلات التضخم ضمن الحدود الآمنة وتجنب أي موجات تضخمية محتملة، خاصة بعد الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات التي تؤثر بشكل كبير ومباشر على أسعار معظم السلع والخدمات في السوق، خصوصًا أسعار الخضراوات والغذاء والنقل، وبالتالي، فإن قرار التثبيت بعد سلسلة من التخفيضات السابقة في أسعار الفائدة يعد قرارًا إيجابيًا، كما أنه يمثل محاولة جيدة لتفادي خروج رؤوس الأموال من الجهاز المصرفي من قبل المودعين وضخها في أوعية ادخارية أو استثمارية أخرى مثل الذهب أو الاتجاه نحو الدولار، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب والدولار.

الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح، فيتو 
الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح، فيتو 

وأضاف أن التثبيت الحالي لا يعني بالضرورة استقرار أسعار الصرف، ورغم أننا نشهد حاليًا انخفاضًا كبيرًا في أسعار الدولار، إلا أنني شخصيًا لا أرى أن ذلك يشير إلى استقرار أسعار الصرف، خاصة مع ارتفاع التزامات مصر الخارجية من أعباء الدين، وأيضًا بعد انخفاض احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي بحوالي 2.8 مليار دولار خلال الفترة الأخيرة.

إيرادات السياحة وتحويلات  العاملين بالخارج

وأشار إلى أنه في الوقت الحالي، وبالنظر إلى زيادة صادرات مصر وكذلك إيرادات السياحة وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، ومع وصول دفعات صفقة علم الروم، فلا أرى مبررًا لأي ارتفاعات محتملة في أسعار الصرف وبالتالي، أتوقع استقرارًا نسبيًا في معدلات صرف الدولار عند مستويات تتراوح بين 47 و52 جنيهًا للدولار الواحد.

تثبيت الفائدة لا يؤدي بشكل مباشر إلى خفض التضخم

وتسانده الدكتورة درية ماضي، مدرس التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس، حيث قالت إن تثبيت الفائدة لا يؤدي بشكل مباشر إلى خفض التضخم، لكنه يعطي إشارة بأن البنك المركزي يرى أن السياسات النقدية السابقة بدأت تؤتي ثمارها بمعنى أن القرار يهدف إلى منع تسارع التضخم وليس خفضه على الفور. ويعتمد التأثير بشكل أساسي على السياسة المالية، وحجم المعروض من السلع، واستقرار سعر الصرف.

وأضافت أن تأثير قرارات الفائدة يظهر عادة بعد 3 إلى 6 أشهر، لأن السوق يحتاج إلى وقت لاستيعاب القرار، خاصة في القطاعات المرتبطة بالتمويل والائتمان. لكن الأسعار اليومية للسلع قد تتأثر بشكل أسرع بتوافر المعروض، وتراجع تكاليف الاستيراد أو النقل.

تابعت الدكتورة درية حديثها قائلة: إن انخفاض الأسعار مرتبط بعوامل أخرى غير سعر الفائدة، وأهمها استقرار سعر الصرف، وتحسن المعروض السلعي، وتراجع تكاليف الإنتاج والشحن. لذلك، من المحتمل في المدى القريب أن نشهد استقرارًا أو تباطؤًا في الزيادة، وليس انخفاضًا حادًا. يحدث الانخفاض الحقيقي فقط إذا استقرت تكاليف الاستيراد وانخفضت الضغوط التضخمية.

الدكتورة درية ماضي، فيتو 
الدكتورة درية ماضي، فيتو 

وأوضحت أستاذة التمويل والاستثمار أنه مع التثبيت، من المحتمل أن تتجه البنوك إلى الإبقاء على أسعار الفائدة الحالية على الشهادات الأساسية، وطرح منتجات جديدة ذات عائد مرتفع مؤقتًا فقط إذا احتاجت لزيادة السيولة أو لإيقاف الشهادات ذات العائد الاستثنائي، لأنها عادة ما تكون مرتبطة بفترات اضطراب محددة، مما يعني أن الاتجاه الأقرب هو الاستقرار وليس الرفع.

وأشارت إلى أن المواطن من المرجح أن يشعر بانخفاض في وتيرة الزيادة، ولكن هذا الانخفاض ليس كبيرًا، حيث ستصبح الارتفاعات أبطأ، وقد تستقر بعض السلع. كما أن التحسن الملحوظ يتطلب استمرار استقرار العملة وتوافر المعروض.

ولفتت ماضي إلى أنه إذا كان هدف المواطن هو الأمان والعائد الثابت، فإن الشهادات الحالية تعتبر آمنة ومناسبة، أما إذا كان يتوقع رفع الفائدة قريبًا، فمن المحتمل أن تكون دورة السياسة النقدية قد وصلت إلى ذروتها، وبالتالي فإن فرص الرفع أصبحت أقل. لذلك، قد لا يحقق الانتظار فارقًا كبيرًا، مما يعني أن الادخار الآن مناسب لمن يبحث عن الاستقرار، وأن الانتظار لن يغير كثيرًا في العائد المتوقع.

واختتمت بالقول إن القرار يشير ضمنيًا إلى أن التضخم اقترب من الذروة، أو على الأقل أن البنك المركزي يرى أنه تحت السيطرة نسبيًا. عادةً ما يتم تثبيت الفائدة عندما تتوقع السلطات النقدية أن التضخم سيتجه نحو الانخفاض تدريجيًا.