فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

صناع فيلم "كأن لم تكن" يتحدثون لـ"فيتو": الجمهور المصري واعٍ وفاهم جدا

صناع فيلم كأن لم
صناع فيلم كأن لم تكن

عرض مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الـ 46 فيلم “كأن لم تكن” للمخرجة التونسية سارة العبيدي في عرضه العالمي الأول، وذلك ضمن مسابقة آفاق السينما العربية.

“كأن لم تكن” فيلم روائي طويل ناطق بكلا اللغتين العربية والفرنسية، من إنتاج ابتسام العبيدي شقيقة المخرجة سارة العبيدي، وتبلغ مدته 89 دقيقة.

فيلم كأن لم تكن 

وتدور أحداث العمل حول “عايدة” موظفة خدمة عملاء في إحدى شركات السياحة والترفيه، والتي عملت بها لحين العثور على وظيفة في مجال دراستها، لكنها تظل بين جدران المكان نفسه لأكثر من 10 سنوات، تتخبط بين ساعات العمل الطويلة وضغط العمل الذي لا يُحصى، لتجد نفسها فجأة بدون أصدقاء أو عائلة، وعند تقديم أحد زملائها الاستقالة ــ كانت تكن له مشاعر غير معلنة ــ اهتز روتين حياتها.

ويتسبب هذا التغيير البسيط في انجراف عايدة في سلسلة من الأحداث التي تجبرها على إعادة التفكير في حياتها وعلاقاتها بالوقت ومحيطها وذاتها، ليسلط العمل الضوء على التحولات الداخلية والتحديات النفسية التي تواجه الشخصية في مواجهة التغيير المفاجئ.

ولفت اسم العمل “كأن لم تكن” اهتمام العديد من الجمهور منذ الإعلان عن عرضه العالمي الأول بمهرجان القاهرة السينمائي، وهو المستوحى من كلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش، حيث تجد “عايدة” نفسها بعد عمر طويل كأن حياتها لم تكن، ولم تُتح لها الفرصة للحياة ككل من حولها.

صناع فيلم كأن لم تكن
صناع فيلم كأن لم تكن

فيتو التقت صناع الفيلم للحديث عن كواليسه

أكدت المذيعة والممثلة التونسية زينب المالكي أن الفيلم ملهم لها بشكل شخصي وعلى مستوى معتقداتها الشخصية، فهي تؤمن أن الشخص، سواء ذكرًا أو أنثى، يجب أن يكون سعيدًا في حياته اليومية حتى نستطيع جميعًا الحياة في تناغم، مؤكدة أنها لم تقبل بالفيلم وإنما العكس هو ما حدث، مضيفة: “أنا محظوظة جدًا أن سارة العبيدي قررت المراهنة عليَّ كبطلة لفيلمها، خصوصًا أن دي أول مرة ليا في السينما وبطولة مطلقة في فيلم روائي طويل.”

وأضافت أن ما يجعل “كأن لم يكن" مميزًا هو أنه يمكن أن يكون في أي بلد، وأي شخص بأي مهنة يستطيع تفهمه والإحساس به، وهذا ما وضع لنا مساحة كبيرة من الحرية في العمل وأضاف جمالية خفية للفيلم.

 وأكدت المالكي أن عايدة شخصية مميزة للغاية، موضحة: ”عايدة متقدرش ما تحبهاش، لدرجة أنه بعد عرض الفيلم لقيت ناس بيقولوا: عايزين نطبخ لها حاجة، نخرجها خروجة حلوة، عايزين نفرحها بأي شكل، وده معناه أن الجمهور تعاطف معها وقدر يشوف جزءًا من نفسه فيها."

وأوضحت زينب أن الفيلم يطرح تساؤلًا للجمهور: هل نحن نعيش حياة مؤثرة؟ أو حتى لدينا حياة فعلًا؟ أو هل ندور في دوائر؟ مضيفة: “وما أتمناه هو عندما يخرج الجمهور من قاعة العرض أن تدور هذه الأسئلة فى ذهنه حول حياته الخاصة، فده هو المهم، فالأفلام ليس دورها أن تعطي إجابات فقط، وإنما أن تطرح تساؤلات وتترك المساحة للجمهور للإجابة.”

وعن الصعوبات التي واجهتها أثناء التحضير لبطولة الفيلم قالت المالكي: “إن التحدي في شخصية عايدة هو قلة الحوار مع الأشخاص من حولها؛ فالمشاهد الصامتة كانت هي الغالبة على الفيلم، فكان يجب أن أوصل للجمهور ما تشعر به البطلة دون كلام”، مؤكدة أن هذه المشاعر كانت معقدة للغاية، فأغلبها تتمحور حول الوحدة والحزن المتغلغل في قلب الشخصية الرئيسية والذي مثل لها تحديًا كبيرًا.

وعند سؤالها إذا شعرت “مالكي” يومًا أنها أصبحت “عايدة” في حياتها اليومية، أجابت: “إحنا بنعيش حاليًا في عصر يجعل كل شخص يشعر، في وقت محدد، ما شعرت به البطلة في أحداث الفيلم، حتى وإن كان مؤقتًا، إلا من كان لديه كمية كبيرة من الوعي الكبيرة جدًا والمتأصلة في الآن والحاضر، ويستطيع أن يطلع على حياته من الخارج.”

وعن مشاركة “كأن لم يكن” في مهرجان القاهرة السينمائي قالت: “مصر بلد رائد في السينما ويتستقبل كل أنماط الأفلام، وده كان سببًا لينا في نوع من الراحة والاطمئنان؛ لأننا عارفين إن الناس مطلعة على السينما والفن بشكل عام، وعندهم حالة من التقبل، وعند عرض الفيلم لقينا الناس فهمت الشخصيات والتفاصيل كلها، برغم أن الفيلم فيه لغة غير العربية.”

وأكدت أنها شاهدت الفيلم لأول مرة مع الجمهور في مصر، موضحة: “أول مرة شوفت الفيلم كامل بعد المونتاج كان مع الجمهور في مهرجان القاهرة السينمائي، واكتشفت عايدة من جديد معاهم، كنت خايفة جدًا من رد فعل الجمهور، وطبعًا كممثلة كان عندي ملاحظات كتير كان ممكن نصلحها ونعدلها ونقدمها بشكل أفضل، ولكن رد فعل الناس الإيجابي كان بمثابة تقدير للعمل وللمجهود اللي تم وضعه فيه سواء من الممثلين أو المخرجة.”

الممثلة التونسية زينب المالكي
الممثلة التونسية زينب المالكي

وعن أعمالها القادمة قالت زينب مالكي إنها بالفعل تشارك في فيلم مختلف، مصنف وثائقي وروائي طويل في الوقت نفسه، وتدور قصته حول العنف المسلط على المرأة ويتم مناقشته بطريقة ذكية جدًا، موضحة: “هو جاهز حاليًا وممكن يتم عرضه هنا في 2026.”

وقالت المنتجة ابتسام العبيدي إنهم مع صناع الفيلم كانوا يشعرون بنوع من الخوف لعرض الفيلم لأول مرة عالميًا في القاهرة السينمائي الدولي، وذلك لأن العمل يجمع بين اللغة العربية والفرنسية بشكل كبير، مما جعلهم يعتقدون أن الجمهور قد يشعر بالملل ويترك الصالة، ولكن العمل جذبهم وأنهوا الفيلم، كما كانت ردود الفعل الأولية إيجابية للغاية.

وأضافت أنه عند الانتهاء من الفيلم وإرساله إلى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي جاءهم الرد سريعًا، فقالت: “لما أرسلنا الفيلم لمهرجانات برشا، كان مهرجان القاهرة أول من يرسل لنا، وده يدل على أن العمل نال إعجابهم كثيرًا.”

وأكدت المنتجة أنه برغم كون سارة ــ مخرجة الفيلم ــ شقيقتها، إلا أن سبب تحمسها لهذا العمل ورغبتها في الاستثمار فيه هو القصة وليس الصلة العائلية، مؤكدة أنها كانت جزءًا من القصة قبل حتى أن تصبح حبرًا على ورق، وأن سبب انجذابها للفيلم هو كونه يتحدث عن حياة فتاة طبيعية يمكن أن تكون أي شخص من حولنا، فالحياة الطبيعية قد تمر بسنين دون أن يحدث فيها حدث كبير أو مثير يغير مجرى الأحداث، فالروتين يسيطر على معظم أجزاء حياتنا ونعيش في حلقة مفرغة معظم الأوقات.

وأوضحت العبيدي أنه في رحلة البحث عن الحرية والاستقلال كبالغين ينسى العديد من الأشخاص أن يعيشوا حياتهم، ليكتشفوا لاحقًا أنها مجرد كذبة كبيرة، وأن العمر قد مر هباءً، فبرغم أهمية العمل، إلا أن العمل الذي لا يعطي مساحة من الحرية يتحول إلى سجن، مشددة على أن هذا ما أرادوا توضيحه من خلال “كأن لم تكن” للشباب، خاصة ممن لا يزال لديهم فرصة للتغيير والعثور على منفذ “للحياة”.