فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

«لافاش كيري» في شارع فؤاد، لافتة عمرها 90 سنة تحكي ما لم يُكتب في الكتب ( صور )

لافاش-كيري-في-شارع-فؤاد
لافاش-كيري-في-شارع-فؤاد

الإسكندرية لا تُحكى فقط عبر البحر أو القلعة، بل من خلال شوارعها العتيقة. 

أحد هذه الشوارع هو شارع فؤاد، الذي يُعد من أقدم شوارع العالم التي لا تزال تحمل اسمها الأصلي منذ عهد الخديوي إسماعيل. 

يُعرف الشارع بطابعه الأوروبي، وسحر مبانيه التي تبقى شاهدة على حقب مرت بها مصر دون أن تتبدل ملامحها بالكامل. 

من دور سينما كلاسيكية إلى محلات تجارية عمرها عقود، كان شارع فؤاد وما زال مرآة لتاريخ المدينة، خاصة في زمن كانت فيه الإسكندرية مركزًا لثقافات متعددة.

حين تكتب اليافطة قصة: محل «لافاش كيري»

بخط أوروبي مُتقن، لا تزال يافطة “Bel Egypt – La Vache Qui Rit” تتصدر واجهة محل صغير بشارع فؤاد، رغم مرور أكثر من تسعين عامًا على تعليقها. في زمن سابق، كان هذا المكان وكالة رسمية لمنتجات جبنة “لافاش كيري” المستوردة، قبل أن تتغير الحياة ويتغير معها النشاط.

بعد سياسات التأميم في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ورحيل كثير من الأجانب والجاليات عن مصر، آلت ملكية المحل إلى الدولة، ثم اشتراه والد صاحب المكان الحالي عام 1935. واليوم، رغم توقف نشاط الألبان وتحول المحل إلى بيع أدوات منزلية وخردوات، لا تزال اليافطة محتفظة بمكانتها – وكأنها ترفض الخروج من المشهد.

العقد باسم الخواجة.. والذاكرة لم تُمحَ

اللافت أن عقد المحل لا يزال حتى الآن باسم مالكه القديم، ذلك التاجر الأجنبي الذي رحل مع كثير من أبناء جاليته بعد قرارات التأميم. الرخصة لا تزال موجودة، واليافطة أيضًا، وكأنها وثيقة حيّة تُذكرنا بأن الأماكن قد تتغير، لكن التاريخ يظل باقٍ في التفاصيل.

سياح وذكريات.. من يافطة إلى معلم سياحي

قد لا يدرك المارة المحليون قيمة هذه اليافطة، لكن كثيرًا من السياح – خاصة الفرنسيين – يزورون المحل خصيصًا لالتقاط الصور أمامها. هنا، تتجسد لحظة جميلة: قطعة من تراث تجاري بسيط تحولت إلى معلم بصري، ورمز لعصر كامل لم يبقَ منه سوى الخط واللوحة وأثر السنين.

بينما تسقط أسماء وتغيب علامات، تقف يافطة «لافاش كيري» في شارع فؤاد لتثبت أن التاريخ لا يحتاج دائمًا إلى متحف، بعضه معلق ببساطة فوق محل صغير.. لكنه يحكي الكثير.