فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

جامع السنجقدار، حكاية اسم وتاريخ يرويه الحجر

جامع السنجقدار وأسماؤه
جامع السنجقدار وأسماؤه وقصة بنائه ومميزاته

يقع جامع السنجقدار في محلة السنجقدار بدمشق، وكان يسمى جامع الحشر، أنشأه أرغون شاه نائب السلطنة المملوكية في دمشق، ودفن في تربته التي أنشأها مع الجامع. 

وجامع السنجقدار مواجه لباب القلعة في محلّة عُرفت فيما بعد بـ(السنجقدار)، وقبل هذا البناء كان مكانه مسجد قديم عُرف باسم مسجد (الحشر). كان جامع السنجقدار مركزا لانطلاق محمل الحج الشامي إلى الديار المقدسة،

معنى كلمة السنجقدار

وكلمة السنجق دار تركية الأصل وتعني: (حامل الراية) وهي مكونة من لفظين: الأول أن  سنجق معناه الرمح, وفي لغتهم: مصدر طعن، فعُبّر به عن الرمح الذي يطعن به.

والثاني: (دار) معناه ( ممسك السنجق ) والمراد هنا العلم، وهي الراية، أي (حامل الراية).

 

Tripadvisor - جامع السنجقدار في دمشق - صورة ‪Alsnjkdar Mosque‬، دمشق
جامع السنجقدار وأسماؤه وقصة بنائه

أسماء جامع السنجقدار

ذكرت بعض المراجع أن سبب التسمية بالسنجقدار لوجود ضريح الصحابي: العباس بن مرداس حامل لواء الرسول صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، حيث قال ابن عساكر في تاريخ دمشق: بأن نبي الله جعل ثلاث رايات مع بنو سليم, فواحدة مع العباس والثانية مع خفاف بن ندبة والثالثة مع الحجاج بن علاط.ومن هنا جاءت تسمية المسجد بحامل راية الرسول، أو بالسنجقدار.

ويقول ياقوت الحموي في معجم البلدان: حشر: بالفتح ثم السكون والراء: جُبيل من ديار بني سُليم.فيكون المقصود بتسميته القديمة هذه الصحابي المدفون فيه وهو: العباس بن مرداس والمعروف من قبيلة سُليم.

وتقول المصادر: إنه في موضع هذا المسجد كان هناك مسجد قديم وصغير يسمى الحشر، وعندما تولى الحكم أرغون شاه نائب السلطنة في دمشق هدم البناء القديم وبنى مكانه هذا المسجد  وقُتل قبل اكتمال بنائه ودفن فيه.

أهمية مسجد السنجقدار أثريًا وتاريخيًا

كان جامع السنجقدار مركزا لانطلاق محمل الحج الشامي إلى الديار المقدسة، حيث إن القافلة كانت تنطلق من مسجد أبي الدرداء في القلعة أولًا، يتقدمها السنجق الشريف، ويؤتى به إلى جامع السنجق دار، حيث يصلي وجهاء القوم في 23 من ربيع الأول صلاة العصر جماعة بإمامة أمير الحج، تأسّيًا بنائب السلطنة الأمير سيف الدين أرغون شاه الناصري حتى انقضاء صلاة المغرب، ويأخذون من الجامع راية الحج الشامي والصرة السلطانية التي تم تجهيزها من الزيوت والشموع والمياه العطرية كماء الورد وماء الزهر المزّواي،الموضوع داخل محمل الحج والتي تُرسَل إلى الحرمين الشريفين لغسل الكعبة المشرفة والحجرة النبوية بها.

ثم يُسار بالسنجق والمحمل إلى (السراي العسكرية المشيرية) مكان قصر العدل الحالي، ويتم وضعهما في القاعة وتتلى قصة المولد النبوي ثم يبدأ المسير ثاني يوم مع إطلاق المدافع ابتهاجًا بهذه المناسبة، والمحمل هو هودج في الأصل تركبه النساء أيام الأفراح والحروب عند العرب،وأمام الهودج راية الحج السنجق وهو لواء أمير الحج الشامي.

هذا وقد كان ومازال هذا المسجد الجامع دارا وملتقى لأهل وطلبة العلم الديني، ولا ننسى لسنوات ليست بعيدة،عندما وقف على التدريس في هذا المسجد الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، رحمه الله.

الصورة ١ من ٤

وصف المسجد 

المسجد له واجهة مملوكية مبنية بالحجارة الأبلقية التي ما زالت محافظة على أصالتها وجمالها مع بوابة الجامع المتقنة البناء، فهي مرتفعة ومعقودة بالمقرنصات، بها نوازل حجرية معجونة ومحفورة بعناية، وما يزال الباب يحمل ملامح الزينة المملوكية القديمة كما في معظم المساجد المملوكية.

جُدّد المسجد مرات عديدة ولكن بقي على الطراز المملوكي على الرغم من بعض التغييرات،أما صحنه فصغير ومفروش بالحجارة السوداء والبيضاء والموزاييك.

أما قبة الجامع فهي قائمة على ثلاث قناطر ضخمة تقوم على أعمدة عالية، المنبر والمحراب حديثان. وإلى يمين الداخل إلى المسجد قبة عالية فيها أربعة قبور:

الأول القبلي: قبر العباس بن مرداس الصحابي، والقبر الثاني: لخفاف بن ندبه وله مع العباس أخبار، والثالث: روق بن دثار، أما القبر الرابع: لإحدى النساء الصالحات، وتعد غرفة الأضرحة هذه من أقدم الترب الموجودة في دمشق.

وجامع السنجقدار أحد أهم آثار المسجد المملوكية واجهته الحجرية الجميلة، ومقرنصات بوابته، والتربة المسقوفة بقبة إلى يمين المسجد، ومئذنة رشيقة، ويحتفظ جامع السنجقدار بالواجهة الاصلية القديمة بحالة جيدة إلى الآن، وهو من الجوامع التاريخية الهامة في دمشق.