محمد عبد الجليل يكتب: سابقة تاريخية.. المتهم باغتيال السادات يتغزل في سجانه.. لماذا فرح مؤسس الجماعة الإسلامية بنجاح ضابط أمن الدولة في انتخابات البرلمان؟
في مفارقة لم يشهدها التاريخ السياسي والأمني المصري من قبل، يسطر الدكتور ناجح إبراهيم، مؤسس الجماعة الإسلامية والقيادي الذي ارتبط اسمه تاريخيًا بقضية اغتيال الرئيس السادات، شهادة مؤثرة في حق ضابط أمن الدولة الذي كان مسؤولًا عن سجنه: اللواء خالد خلف الله.
المفارقة الكبرى.. حين ينحني السجين لـ سجّانه
في الوقت الذي كان العالم ينتظر فيه تدوينات عن مرارة السجن والشكوى من ضباط الأمن، يختار الدكتور إبراهيم أن يكسر هذا السياق بكلمات الود والتقدير، وذلك بمناسبة النجاح الساحق للواء خلف الله في انتخابات مجلس النواب الحالية بدائرة نجع حمادي، دشنا، الوقف، باكتساح وحصوله على ٥٢ ألف صوت!
فرحة لا تصدر عن مصلحة سياسية، بل عن تقدير إنساني خالص لمن وصفه بـ "صانع المعروف الأكبر".، هذه ليست مجرد شهادة عادية؛ إنها اعتراف من قلب الخصومة الأيديولوجية والسياسية الأكثر احتدامًا في تاريخ مصر الحديث.
عندما يتحدث مؤسس "الجماعة الإسلامية" بإعجاب عن ضابط أمن الدولة الذي أشرف على سجنه، فهذا يعني أن الأمر تجاوز السياسة إلى النبل الإنساني المطلق.

من جحيم "الوادي الجديد" إلى واحة إنسانية!
يؤكد إبراهيم أن اللواء خلف الله لم يكن مجرد ضابط مسئول، بل كان "أيقونة للإحسان" وأسطورة في التواضع.
ويشهد القائد الإسلامي السابق بأن اللواء خلف الله كان يذكره الجميع بالخير، "سواء كانوا رؤساء أو مرؤوسين أو كانوا معتقلين سياسيين". هذه الإشادة من خصم سابق ليست مجرد مجاملة، بل توثيق لتحويله سجن الوادي الجديد من "أسوأ السجون" إلى نموذج في التعامل.
لم يضرب أو يشتم: أبرز ما يذكره إبراهيم هو أن اللواء خلف الله "لم يضرب إنسانًا قط طوال خدمته" ولم يشتم متهمًا. المفارقة هنا هي أنه كان ينجح أمنيًا بأسلوبه النبيل، مما يدل على أن الأمن لا يتعارض مع الإنسانية.
الرعاية الشاملة!
كانت جهوده تشمل إحضار البطاطين في الشتاء، الإشراف على منظومات التعليم للمعتقلين (من الثانوية حتى الدكتوراه)، وتطوير مستشفى السجن، وحتى إنشاء استراحة مظللة لأهالي السجناء في حرارة الوادي القاسية.
داعم لـ "منع العنف"
الأهم من ذلك، كان اللواء خلف الله أول وأعظم داعم لمبادرة منع العنف التي دشنها قادة الجماعة الإسلامية داخل السجن، مانحًا إياها الدعم الرسمي اللازم للنجاح.
الحب الخالص خارج الأسوار
يختم الدكتور ناجح إبراهيم شهادته بكلمات تؤكد عمق العلاقة التي تكونت في ظروف هي الأقسى: "هذا الرجل أكتب عنه لأنني أحبه وأعرفه عن قرب... فلا مصلحة أو دنيا تجمعنا، ولكنه الحب الخالص الذي جمعنا سويًا."