محمد عبد الجليل يكتب: كمين الضباط المزيفين.. تفاصيل سقوط عصابة الزي الميري في الهرم.. حين يتحول زي حماة القانون إلى قناع للجريمة!
في قلب منطقة اللبيني بالهرم، لم تكن عملية السرقة كلاسيكية تلك المرة، بل كانت “كمينًا” أبطاله يرتدون قناعًا هو الأشد خطورة: الزي الميري (الرسمي)! عصابة منظمة، يتزعمها مفصول من الشرطة، قررت أن تبيع الأمن وتشتري الجريمة، متسلحة بهيبة السلطة لتخويف المارة والاستيلاء على أموالهم.
الضحية هذه المرة: سائق “توك توك” بسيط، حُلمُه لا يتجاوز قوت يومه، ليجد نفسه بين يدي من ادَّعوا أنهم حماة الوطن.
تقييد، تعصيب، وكشك تحت الإنشاء.. سيناريو “القبض الكاذب”
في مساء يوم 27 مايو 2024، استوقف المتهمون المجني عليه “محمد مصطفى” (سائق التوك توك) بدرَّاجة نارية، مدَّعين أنهم رجال شرطة. المتهم الأول ارتدى زي أمين شرطة، والثاني ادَّعى أنه رجل مباحث. لم يكتفِ المتهمان الأول والثاني بسلب هاتفه المحمول في البداية، بل قاداه قسرًا إلى منطقة كفر غطاطي بزعم القبض على تاجر مخدرات، ثم إلى طريق المنصورية.
هنا، بلغت الجريمة ذروتها
التقييد: قام المتهم الأول بتقييد يدي الشاب من الخلف بـ “قيد بلاستيكي” أخرجه من حقيبة إحرازه، في مشهد لا يختلف عن مشاهد القبض الرسمية.
التعصيب: عُصبت عينا المجني عليه بقطعة قماش لحجب الرؤية، ليجلس في المقعد الخلفي للتوك توك، خائفًا ومرعوبًا من مصير مجهول.
مكان الاحتجاز: نقل إلى “كشك تحت الإنشاء” وأُجلس على الأرض بزعم انتظار الضباط لاستجوابه.

كان الهدف واحدًا “بث الرعب في نفسه وشل مقاومته”، لسرقة التوك توك وهاتفه ومبلغ حصيلة عمله، تاركين الشاب موثوقًا ومعصوب العينين في مكان خالٍ.
بصمات المحكمة كلمة القاضي تنهي الأسطورة
برز الدور البطولي للمنصة القضائية. فبينما أنكر المتهمون التهم الموجهة إليهم، حاولوا التملص بشتى الدفوع القانونية. لكن القاضي الجليل، أيمن محمد عبد الحكم أشعت، رئيس المحكمة، لم يعول على الإنكار ولا على الجدل الموضوعي.
في مسودة الحكم في الجناية رقم 26887 لسنة 2024 (الهرم)، كان قرار المحكمة فاصلًا ومُزلزِلًا، مؤكدًا أن ركن الإكراه يتحقق بكل وسيلة قسرية، بما في ذلك التهديد وبث الرعب، وأن إدعاء المتهمين بصفة رجال الشرطة هو تداخل في وظيفة عمومية يعاقب عليه القانون بشدة.
الحكم النهائي للمحكمة كان رسالة مدوية:
السجن المشدد 10 سنوات للمتهم الأول (أحمد سيد عبد الله حسن) الذي ارتدى زي أمين الشرطة، مع المراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات.
السجن المشدد 15 سنة غيابيًا للمتهم الثاني (طه محمد الصغير)، الهارب، الذي ادعى أنه رجل مباحث.
السجن المشدد 3 سنوات للمتهم الثالث (مجاهد محمد الصغير) لإخفائه التوك توك المسروق.
لقد انتصرت عدالة المحكمة، ليس فقط في معاقبة الجناة، ولكن في استرداد هيبة الزي الرسمي من هؤلاء الذين جعلوه أداة للرعب والسلب.