أحمد كريمة: الإمام الحسن وجه النور الذي وحد الأمة وورث عبقرية النبوة
سلّط الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، الضوء على المكانة الرفيعة والمتميزة للإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، حفيد النبي محمد ﷺ، مؤكدًا أن الإمام الحسن كان رمزًا للوقار والنباهة وحبّ الناس، ومحل إجلال من كبار الصحابة والتابعين، مستمدًا مكانته من نَسَبه الشريف ودوره المحوري ضمن "أهل الكساء" الذين اصطفاهم الله وخصّهم النبي ﷺ بمكانة عظيمة.
تقدير الصحابة لمكانة الإمام الحسن
وقال الدكتور أحمد كريمة إن الإمام الحسن كان محل تبجيلٍ من الجميع، مستشهدًا بعدة مواقف تاريخية تعكس علوّ شأنه، منها ما جرى بينه وبين والده الإمام علي رضي الله عنه، إذ طلب عليّ من ابنه أن يعظه، فامتنع الحسن أدبًا عن ذلك، فاختبأ الإمام علي خلف عمودٍ في المسجد ليستمع إليه، ولما انتهى من خطبته البليغة، تلا الإمام علي الآية الكريمة: “ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم”، في إشارة إلى إقراره بعبقرية ابنه وسموّ علمه.
كما نقل كريمة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قوله عن الحسن: "بأبي، شبه النبي ليس شبيهًا بعلي" تعبيرًا عن مدى الشبه الجسدي والهيبة النبوية التي كانت تظهر على ملامحه.
وتابع “كريمة” خلال تصريحات ببرنامج “الكنز” تقديم أشرف محمود، بقناة “الحدث اليوم”، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فُرض عطاء مالي للإمامين الحسن والحسين قدره خمسة آلاف درهم، وهو نفس ما أُعطي لأهل بدر، دلالة على مكانتهما الرفيعة في المجتمع الإسلامي، بينما كان عبد الله بن عباس رضي الله عنه يأخذ بركاب الحسن والحسين إجلالًا لهما.
أهل الكساء.. الشرف الإلهي والمباهلة التاريخية
وأوضح الدكتور كريمة أن الأساس الأقوى لمكانة الإمام الحسن يتمثل في كونه أحد أفراد أهل الكساء أو أهل العباء، وهي الواقعة التي رسخت مكانتهم الدينية والروحية، حينما دعا النبي ﷺ للمباهلة مع نصارى نجران، فأخذ معه الإمام علي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين، وألقى عليهم الكساء قائلًا:"اللهم إن هؤلاء أهلي أُباهل بهم".
وعندما رأى وفد نجران وجوههم النورانية، قال كبيرهم: "والله إني أرى وجوهًا لو سألوا الله أن يزيل الجبال لأزالها إكرامًا لهم، لا تباهلوهم".
فتراجعوا عن المباهلة احترامًا للنبي وأهل بيته.
تنازله عن الخلافة.. درس في الوحدة وحقن الدماء
وتابع كريمة أن الإمام الحسن جسّد أرقى معاني الحكمة والوحدة في واحدة من أعظم المواقف التاريخية، إذ تنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان بعد معركة صفّين، رغبةً في حقن دماء المسلمين وتوحيد صفّ الأمة، لكنه اشترط أن تعود الخلافة إلى بني هاشم بعد وفاة معاوية.
وأشار إلى أن التركيز على التنازل دون ذكر الشرط يُعد خطأ في سرد الأحداث التاريخية، لأن الهدف من قراره لم يكن الضعف أو الانسحاب، بل تحقيق المصلحة العليا للأمة الإسلامية وإنهاء الفتنة التي سالت بسببها دماء كثيرة.