فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

التقرير الكامل لملاحظات لجنة اعتماد تصنيف المجلس القومي لحقوق الإنسان

التحالف العالمي لمؤسسات
التحالف العالمي لمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، فيتو

أصدرت اللجنة الفرعية للاعتماد (SCA) التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)، تقريرها عن المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر (NCHR)، والصادر عن دورتها السادسة والأربعين المنعقدة خلال الفترة من 20 إلى 31 أكتوبر 2025.

تصنيف المجلس في الفئة (أ)

وجاء في التقرير أن اللجنة توصي بأن يحتفظ المجلس القومي لحقوق الإنسان بوضعه “الفئة (A)”.

وكانت اللجنة الفرعية، أوصت في دورتها الـ44 في أكتوبر 2024 بخفض تصنيف المجلس إلى الفئة (B)، إلا أنها في دورتها الـ46 في أكتوبر 2025 لاحظت أن المعلومات المقدمة من المجلس القومي تُظهر التزامه بمبادئ باريس.

حماية حقوق الإنسان 

أقرت اللجنة بجهود المجلس في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك سعيه لتعديل قانونه التأسيسي، مع اتخاذ إجراءات مؤقتة لتعزيز امتثاله وفعاليته. وأبلغ المجلس اللجنة بأن النظر في مشروع تعديل القانون لا يزال جاريًا من خلال سلسلة من المشاورات مع السلطات الوطنية، وأن مشروع التعديل لم يُعرض بعد على البرلمان، كما تلقت اللجنة نسخة من مشروع القانون في مايو 2025، كما لاحظت اللجنة جهود المجلس في التواصل والحوار مع منظمات المجتمع المدني من خلال ورش عمل ولقاءات موضوعية.

ورغم أن اللجنة أوصت بإعادة اعتماد المجلس استنادًا إلى خطواته الاستباقية في السعي لتعديل الإطار التشريعي القائم وتحسين أدائه، فإنها أكدت في الوقت ذاته على توقعها بأن تعمل المؤسسات الوطنية الحاصلة على تصنيف الفئة (A) على الاستمرار في تعزيز فعاليتها واستقلالها، بما يتماشى مع مبادئ باريس والتوصيات السابقة للجنة.

استقلال المجلس القومي لحقوق الإنسان  

كما شجعت اللجنة السلطات المصرية المعنية على الإسراع بإقرار التعديلات التشريعية المطلوبة من أجل تعزيز استقلال المجلس وفعاليته.

وبناءً على تأكيدات المجلس، تشير اللجنة إلى أن الدعوة لتعديل القانون ينبغي أن تؤدي إلى اعتماده قبل نهاية عام 2025، وستتابع اللجنة عن كثب تطورات ذلك، متوقعة أن يُخطرها المجلس حال اقتراب اعتماد التعديلات.

 الولاية (الاختصاصات)

أكد تقرير اللجنة أن المجلس القومي لحقوق الإنسان لا يمتلك تفويضًا قانونيًا لإجراء زيارات مفاجئة لأماكن الاحتجاز. وأفاد المجلس أنه أبرم اتفاقيات تعاون مع مكتب النائب العام ووزارة الداخلية وجهات أخرى لتسهيل الوصول إلى أماكن الاحتجاز، بينما يواصل المطالبة بتعديل قانونه لتضمين هذا الاختصاص صراحةً.

وأشارت اللجنة إلى أن مشروع تعديل القانون، في المادة (7)، يمنح المجلس صلاحية إجراء الزيارات والتفتيش لجميع أماكن الاحتجاز دون إخطار مسبق أو قيود قانونية أو إدارية.

وأشادت اللجنة بالإجراءات التي اتخذها المجلس لممارسة مهامه في مراقبة أماكن الاحتجاز بالتوازي مع جهوده لتعديل القانون لضمان هذه الصلاحية بوضوح.

ورأت اللجنة أنه ينبغي أن يشمل تفويض المؤسسات الوطنية الحق في الوصول الحر وتفتيش أي منشأة عامة أو وثيقة أو معدات أو أصول دون إشعار مسبق، وتوصي بأن يواصل المجلس الدعوة لتعديل قانونه. كما أكدت اللجنة أن مشروع التعديل بصيغته الحالية يعالج مخاوفها السابقة، استنادًا إلى مبادئ باريس A.1 وA.2 والملاحظة العامة رقم 1.2 بشأن “ولاية حقوق الإنسان”

معالجة انتهاكات حقوق الإنسان

وأشار المجلس إلى أنه يتعامل مع قضايا متعددة في مجال حقوق الإنسان، تشمل الحق في السلامة الجسدية، وإنفاذ الأحكام القضائية، ومنع إساءة استخدام السلطة، وحقوق ذوي الإعاقة، والتعليم، والصحة، وحقوق العمال، والخدمات العامة، وذلك من خلال تلقي الشكاوى، ومراقبة أماكن الاحتجاز، وإصدار البيانات والتقارير، وتنظيم الندوات وورش العمل.

كما أوضح المجلس أنه يصدر توصيات للسلطات الحكومية، ولفت إلى أنه أصدر بيانًا يدعو إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام أثناء اعتماد نتائج الاستعراض الدوري الشامل لمصر في يونيو 2025.

وأشادت اللجنة باستجابة المجلس وتوصيه بمواصلة تعزيز جهوده في معالجة جميع قضايا حقوق الإنسان المذكورة، وضمان نشر مواقفه بشأن هذه القضايا علنًا. كما ينبغي للمجلس الاستمرار في متابعة تنفيذ توصياته لدى السلطات الحكومية، وإنشاء آليات فعّالة للمراقبة والمتابعة.ورأت اللجنة أن مثل هذه الجهود تعزز حماية حقوق الإنسان وتُقوي مصداقية المجلس وفاعليته لدى الجمهور، استنادًا إلى مبادئ باريس A.1 وA.2 وA.3 وD(d)، والملاحظتين العامتين 1.2 و1.6 بشأن “الولاية” و“التوصيات الصادرة عن المؤسسات الوطنية”

تشجيع التصديق على الاتفاقيات الدولية

وذكر تقرير اللجنة أنه في الدورة الـ44 (أكتوبر 2024)، لاحظت  أن القانون الحالي للمجلس لا يمنحه تفويضًا صريحًا لتشجيع التصديق على الاتفاقيات الدولية، مشيرًا  إلى أن المادة (14/1) من مشروع تعديل القانون تمنح المجلس صلاحية تشجيع الدولة على التصديق والانضمام إلى الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان.

وأوضح المجلس أنه يتابع تنفيذ التوصيات الصادرة عن آليات الأمم المتحدة، ويشجع على التصديق على المعاهدات، مثل دعوته للتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT).

ورأت اللجنة أن النص الوارد في مشروع التعديل الحالي، إذا أُقر، سيعالج المخاوف السابقة، وحثت المجلس على الاستمرار في الدعوة لإقرار هذه التعديلات، إذ إن تشجيع التصديق على الاتفاقيات يُعد وظيفة أساسية لأي مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، استنادًا إلى الملاحظتين العامتين 1.2 و1.3 حول “تشجيع التصديق على الصكوك الدولية”.
 الاختيار والتعيين

وأكد التقرير أن القوانين الحالية للمجلس تنص على آلية لا تتضمن نشر الوظائف الشاغرة أو معايير موحدة للاختيار، وهو ما سبق أن لاحظته اللجنة في 2024.

وأشار إلى أن مشروع تعديل القانون (المادة 3/4) ينص على أن أعضاء المجلس يُعيّنون بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على ترشيحات من هيئات مستقلة تُحدد معايير اختيارها في اللائحة التنفيذية.

وقدّرت اللجنة جهود المجلس للدفع نحو تعديل القانون بما يضمن عملية اختيار شفافة ومتوافقة مع مبادئ باريس، لكنها لاحظت أن المشروع لا يتضمن إلزامًا بنشر الإعلانات عن الوظائف الشاغرة.

ورأت اللجنة أن وجود عملية اختيار وتعيين شفافة وتشاركية تعتمد على الجدارة وتكفل التعددية أمر أساسي لضمان استقلال المجلس وثقة الجمهور فيه. وتوصي المجلس بمواصلة الدعوة لإدخال تعديلات إضافية تشمل الإعلان الواسع عن الشواغر الوظيفية، استنادًا إلى المبدأ B.1 من مبادئ باريس والملاحظة العامة 1.8 بشأن “اختيار وتعيين أعضاء هيئات صنع القرار في المؤسسات الوطنية”

التمثيل السياسي وتضارب المصالح

أيضا أشار التقرير إلى أن هيئة اتخاذ القرار في المجلس تضم أعضاءً ينتمون لأحزاب سياسية، كما أن القانون الحالي لا يتضمن نصًا يعالج تضارب المصالح، وهو ما كانت اللجنة قد اعتبرته تهديدًا لاستقلال المجلس.

وأوضح المجلس أنه اعتمد مدونة سلوك تمنع الأعضاء ذوي الانتماء السياسي من المشاركة في اتخاذ القرار. كما لاحظت اللجنة أن مشروع التعديل ينص على إنهاء عضوية أي عضو في حال وجود تضارب مصالح.

ورأت اللجنة أن الاشتراطات الواردة في مشروع التعديل (المادة 3/2/3) التي تستبعد التأثير التنفيذي أو الحزبي، إلى جانب مدونة السلوك المعتمدة، تعالج المخاوف المتعلقة بالتمثيل السياسي وتضارب المصالح.

وحثت اللجنة المجلس على مواصلة السعي لإقرار هذه التعديلات، وضمان ألا يكون للسياسيين عضوية أو حق تصويت داخل المجلس، حفاظًا على استقلال المؤسسة ومصداقيتها، استنادًا إلى الملاحظتين العامتين 1.9 بشأن “التمثيل السياسي” و2.2 بشأن “الأعضاء المتفرغين للمؤسسة”

الاستقلال المالي 

وأوضح التقرير أن اللجنة كانت قد شددت سابقًا على ضرورة ألا يُطلب من المجلس الحصول على موافقة الدولة قبل تلقي التمويل الخارجي، لما لذلك من أثر على استقلاله.

وأشار المجلس إلى أنه يواصل الحوار مع البرلمان لضمان إزالة هذا الشرط. وأقرت اللجنة بأن المادة (15) من مشروع التعديل تمنح المجلس صلاحية البت في قبول التمويل الخارجي بنفسه.

وأكدت اللجنة أن المؤسسات الوطنية يجب أن تُزوّد بتمويل كافٍ ومستقل يتيح لها تحديد أولوياتها بحرية. ولذلك توصي المجلس بمواصلة العمل لإقرار التعديلات الحالية كما هي، استنادًا إلى المبدأ B.2 من مبادئ باريس والملاحظة العامة 1.10 بشأن “التمويل الكافي”

الحصانة الوظيفية

وأوضح التقرير أن اللجنة لاحظت أن أعضاء وموظفي المجلس لا يتمتعون بحماية من المسؤولية الجنائية أو المدنية عن الأفعال التي تُنفّذ بحسن نية أثناء أداء مهامهم الرسمية.

وأشار المجلس إلى أن الدستور يمنح الحصانة فقط لأعضاء البرلمان، لكنه يسعى لإدخال حماية قانونية لموظفيه وأعضائه. وتنص المادة (4) من مشروع التعديل على أن الأعضاء، أثناء أدائهم لمهامهم، يتمتعون بحصانة قانونية من الملاحقة، وحماية من المساءلة القضائية أو الإدارية، ومنع إقامة دعاوى بسبب الآراء التي يبدونها أثناء أداء عملهم.

ورأت اللجنة أن هذا النص يعالج المخاوف جزئيًا، لأنه لا يشمل الموظفين الإداريين. وتوصي اللجنة المجلس بمواصلة العمل لتعديل القانون لضمان حصانة وظيفية كاملة لكل من الأعضاء والموظفين، بما يعزز استقلاليته وثقة الجمهور فيه، استنادًا إلى المبدأ B.3 من مبادئ باريس والملاحظة العامة 2.3 بشأن “الحماية من المسؤولية القانونية عن الأفعال الرسمية المنفذة بحسن نية”

معالجة الشكاوى

كما أشار التقرير إلى أن المادة (3/6) من القانون الحالي للمجلس تنص على أن له صلاحية تلقي وفحص الشكاوى في مجال حماية حقوق الإنسان، وتحويلها إلى الجهات المختصة إذا لزم الأمر، ومتابعتها أو إرشاد أصحابها للإجراءات القانونية المناسبة.

ولاحظت اللجنة أن المجلس يتلقى الشكاوى بالفعل، لكنه لا يحقق فيها بنفسه، بل يحيلها إلى الجهات الحكومية المختصة. ورأت اللجنة أنه عندما تُمنح المؤسسات الوطنية صلاحية تلقي الشكاوى، يجب أن تتعامل معها بإنصاف وسرعة وفعالية عبر إجراءات سهلة الوصول للجمهور.

توصيات لجنة الاعتماد 

وبما أن مشروع القانون الجديد لا يمنح المجلس صراحة صلاحية التحقيق في الشكاوى، أوصت اللجنة المجلس بالمطالبة بتعديل القانون ليشمل:

• السلطة الكاملة للتحقيق في الشكاوى ضد الجهات العامة والخاصة

• حماية المشتكين والشهود

• الحق في تنفيذ قراراته عبر القضاء

• متابعة تنفيذ توصياته ونتائج تحقيقاته

• إحالة النتائج إلى الحكومة في حال كشف الشكوى عن انتهاكات منهجية واسعة النطاق، استنادًا إلى الملاحظة العامة 2.9 بشأن الاختصاص شبه القضائي للمؤسسات الوطنية.