140 عاما على رحيل "ديورانت" مؤلف "قصة الحضارة".. استغرق 40 سنة لإنجازه.. استند إلى أن للعامل الاقتصادى أكبر أثر فى نشأة الحضارات، مستشهدا ببلاد العرب
ويليام جيمس ديورانت ، الفيلسوف والمؤرخ والكاتب الأمريكي، من أشهر مؤلفاته قصة الحضارة التى شاركته زوجته أرئيل ديورانت في تأليفه. وتحدث فيه عن أنظمة الحكم فى مصر، ووصف الملوك والحكام فى مصر القديمة بالكثرة التى يثقل على الذاكرة إحصاؤها.
فى مثل هذا اليوم 5 نوفمبر 1885 ولد المفكر ويل ديورانت، وفى 7 نوفمبر عام 1981 رحل، وما بين الميلاد والرحيل 96 عاما.
نشأ في عائلة من أصول فرنسية كندية، حيث كان والداه جوزيف وماري جزءًا من المهاجرين من كيبيك بكندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية. تعلم فى مدرسة القديس بطرس وتخرج من كلية سانت بيتر بنيوجيرسى عام 1907، عمل فى بداية حياته مراسلا لمجلة نيويورك.
حصل على الدكتوراه فى الفلسفة عام 1917، وأصبح أستاذا بجامعة كولومبيا، بالإضافة إلى عمله الأكاديمي، كان ديورانت يميل إلى الانطلاق والمغامرة، حيث ألقى سلسلة من المحاضرات حول القادة والأبطال التي تركت بصمتها على البشر، ونشر كتابه "قصة الفلسفة" الذي ترجم الى العربية وحقق نجاحا كبيرا.
تزوج من أرييل، التي كانت أصغر منه بحوالي 13 عاما وأنجبت له ابنتهما أثيل، بالإضافة إلى ابنهما بالتبني لويس.
40 عاما فى قصة الحضارة
بعد ذلك كرس ديورانت جهوده لمشروعه الضخم "قصة الحضارة"، الذي عمل عليه لمدة تقارب الـ 40 عاما.
قال عنه الكاتب والروائى أوسكار وايلد: "يمكن لأى شخص صنع التاريخ ولكن هناك رجلا واحدا عظيما يمكنه كتابته، فقد استطاع على مدى أربعين عاما أن يكتب عملا عظيما مطولا هو قصة الحضارة".
قصة الفلسفة بداية الطريق
من مؤلفات ويل ديورانت لكنها أقل شهرة بالنسبة لقصة الحضارة، منها: "قصة الفلسفة" وهو من جزئين، وكما يقول عنه: هو محاولة لإقامة فلسفة متماسكة فى الحياة بالتطبيق الحديث، يستعرض فيه التغير الذى لحق بالحياة الاجتماعية ومنظومة الحياة الاخلاقية وقيمة المرأة والأسرة والحب والسعادة وغيرها.

أما كتاب "أبطال من التاريخ" فيتحدث فيه بصراحة وبمنتهى الراحة، متناولا قضايا كالجنس والسياسة والدين، وهي مواضيع غالبًا ما كان المؤرخون، معظم المؤرخين، إنما يشيحون عنها حياء، أو يلبسونها تسميات علمية فضفاضة.
أما قصة الحضارة الذى وضعه ويل ديورانت، وترجمه الدكاترة زكى نجيب محمود، محمد بدران، محمد على أبو درة، فؤاد أندراوس، عبد الرحمن عبد الله، عبد الحميد يونس، وطبع بتكليف من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
حضارات العالم شرقا وغربا
هذا المؤلف وهذه الموسوعة الكبيرة "قصة الحضارة" يعرف فيه ويل ديورانت الحضارة على أنها "نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي" قضى فيه ويل ديورانت معظم سنوات حياته يضم حصيلة أربعين عاما من الطواف في حضارات العالم شرقا وغربا، ويحكي العناصر المكونة للحضارات والفلسفة التي تقوم عليها أي حضارة، وعوامل النشأة والتكوين والتطور، وغير ذلك من التفاصيل التي يعالجها هذا المؤلف الضخم.

درس ديورانت فى قصة الحضارة علاقة الحضارة بالجغرافيا، مقدما فلسفته الخاصة في ذلك، فهو يرى أن حرارة الأقطار الاستوائية، وما يجتاح تلك الأقطار من طفيليات لا تقع تحت الحصر، لا تهيئ للمدنية أسبابها، فما يسود تلك الأقطار من خمول وأمراض، وما تعرف به من نضوج مبكر وانحلال مبكر، من شأنه أن يصرف الجهود عن كماليات الحياة التي هي قوام المدنية،، كما يرى أن الزراعة هى الصورة الاولى للحضارة باعتبارها عامل استقرار، والعوامل الجغرافية على الرغم من أنها يستحيل أن تخلق المدنية خلقا، إلا أنها تستطيع أن تبتسم في وجهها، وتهيئ سبيل ازدهارها.
نشأة الحضارة فى بلاد العرب
يركز ويل ديورانت على العامل الاقتصادى كأكبر أثر فى نشأة الحضارات، مستشهدا على ذلك ببلاد العرب، التي رأى البداوة سمتها المميزة، واعتبر أن قصور الموارد الاقتصادية عائق كبير يقف أمام المدنية والازدهار، رغم توافر الفتوة والذكاء، والأخلاق السامية كالشجاعة والكرم.

من مؤلفات ديورانت الشهيرة "الأوراق المتساقطة" وهو آخر كتاب وضعه، هذا الكتاب اكتشفته عائلته بعد رحيله بسنوات طويلة وهو يبحث عن الفلسفات والأديان والفنون والحضارات والعلوم، يتناول فيه كل ما يخص الإنسان فى سعيه للبحث عن معنى الحياة، من حيث الأخلاق والدين والشباب والشيخوخة والحرب والسياسة وغيرها.
سيرة حياة الزوجة فى كتاب
ومن مؤلفاته أيضا: سيرة حياتنا وهو عبارة عن سيرة حياة زوجته، تفسير الحياة يقول فيه أن الحياة جميلةٌ بتنوعها، بسهولها وهضابها، وفي لحظاتها الحلوة والمرة، وكما تتفاوت لحظات الحياة يتفاوت معنى الحياة من شخص لآخر، عظات التاريخ ترجمة الدكتور على شلش، التحول، مغامرون فى بحار العبقرية، مباهج الفلسفة ترجمة الدكتور أحمد فؤاد الأهوانى.
وسام الحرية الرئاسي
اعترفت الحكومة الأمريكية بإنجازات ويل ديورانت وزوجته في عام 1968 فمنحته جائزة بوليتزر عن كتابهما "روسو والثورة"، وفي عام 1977 تم تكريمهما بوسام الحرية الرئاسي، وهو واحد من أرفع الجوائز الأمريكية التي تمنح للمدنيين.