فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

عالم المصريات الياباني يوشيمورا: خاطرت بحياتي منقبا ومصر تستحق أن أكرس حياتي لها

عالم المصريات الياباني
عالم المصريات الياباني يوشيمورا، فيتو

روى عالم المصريات الياباني الشهير ساكوجي يوشيمورا، قصته مع الحضارة المصرية القديمة وذلك بعد أن أصبح حديث المصريين بعد عرضه  لدعوة حفل افتتاح المتحف المصري الكبير والمقرر له غدًا السبت على هيئة مجسَّم تابوت توت عنخ آمون.

 

وقال إن قصته وشغفه بالحضارة المصرية القديمة بدأت القصة عندما كان طفلًا، في اليابان الخارجة من الحرب، مشيرًا إلى أنه قرأ ساكوجي يوشيمورا عن اكتشاف هوارد كارتر لمقبرة توت عنخ آمون، فاشتعل في قلبه الحلم. 

وأضاف: “تلك اللحظة، وسط الصور الآتية من المقلب الآخر من العالم والدهشة، كُتِب قدري أن أسير طويلًا بين أمجاد الفراعنة، وأعود إليهم عشية افتتاح المتحف المصري الكبير”.

وواصل  يوشيمورا قصته مع الفراعنة مؤكدًا أنه حين أصبح طالبًا في جامعة واسيدا، قرَّر  أن يحوِّل حلمه الطفولي إلى حقيقة. في خطوة جريئة لم يسبقه إليها أيُّ باحث ياباني، انطلق في دراسة ميدانية استمرَّت عامًا كاملًا شملت جميع المعالم الأثرية الكبرى في مصر، من الإسكندرية إلى أبو سمبل. سرعان ما أدرك أنَّ مصر تستحق أن يُكرِّس حياته كلَّها لها.

وأردف في حديثه ل"النهار" اللبنانية: "لقد كرّستُ حياتي بالكامل"، يقول يوشيمورا لـ"النهار"، “بل خاطرتُ بها فعليًّا، في سبيل البحث والتنقيب الأثري في مصر على مدى ستين عامًا، من سقارة ودهشور إلى هضبة الجيزة، وقدت دراسات رائدة استخدمت فيها تقنيات حديثة، من الاستشعار عن بُعد إلى الرادار المخترق للأرض”.

وعن المشروع الذي ترك فيه الأثر الأعمق، قال إنّه "من دون أدنى شك"، القارب الشمسي الثاني، والذي يعود إلى نحو 4 آلاف و600 عام وصُمّم ليُقلّ فرعونًا في رحلته الأبدية، وقد دُفن بجانب الهرم الأكبر. القارب الشمسي الأول اكتشفه باحثون مصريون، “لكن الفريق الياباني هو من أكّد وجود القارب الثاني باستخدام الرادار المخترق للأرض”.

وأردف يوشيمورا: "قمنا باستخراج القطع الخشبية، وأجرينا عليها أعمال الحفظ والترميم، وها نحن اليوم نصل أخيرًا إلى مرحلة إعادة تجميع السفينة".

شارك في هذا المشروع عددٌ كبير من المصريين، وبرأيه، "جسّد روح الصداقة والعلاقة التعاونية بين مصر واليابان". واليوم، ينظر إلى إنشاء قاعة عرضٍ خاصة بالقاربين داخل المتحف المصري الكبير على أنّه "يُعبّر بوضوح عن مدى أهمية هذا التراث بالنسبة للشعب المصري... أشعر بامتنانٍ بالغ لأنني كنت جزءًا فاعلًا في هذا العمل المميّز".

قصة يوشيمورا لا تتعلّق بالآثار وحدها بل ببناء الجسور والثقة. فقد نال احترام كبار علماء الآثار المصريين مثل زاهي حواس ومصطفى وزيري، وتقديرًا من أرفع المؤسسات اليابانية. وقد قلّده إمبراطور اليابان وسام كنز الدولة المقدّس، تكريمًا لإسهاماته في التبادل الأكاديمي والدبلوماسية الثقافية.

على مدى أكثر من نصف قرن من البحث والتعليم والاكتشاف، لم يتوقف يوشيمورا عن طرح الأسئلة. وهو اليوم، في عقده الثامن، لا يزال يستكشف أسرار الأهرامات. ومن خلال المسوحات والاكتشافات التي يُجريها الفريق الياباني، يأمل "أن نواصل الإسهام في إثراء مجموعة المتحف المصري الكبير وتعزيز معروضاته"، ويؤكّد أنّه، "بهذه الطريقة، يرجو أن تواصل البعثات الأثرية اليابانية أداء دورٍ ريادي في دراسة الحضارة المصرية القديمة".

وعن الدعوة الرسمية التي وجّهت له صُمّمت على هيئة مجسّم تابوت توت عنخ آمون، تكريمًا لمساهمته الاستثنائية في علم المصريات، قال: "الشعب المصري يتميَّز بالحماس والاجتهاد ويمنحني العمل إلى جانبهم سعادةً كبيرة".

يعتبر أنّ دعوته لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، "دليل على تقدير الشعب المصري لما بذلته من جهود"، وهذا يجعله يشعر بـ"أن مسيرة حياته لم تذهب سدى".

 ويختم: "تأجَّل افتتاح المتحف مرَّاتٍ عدّة، وكنت أشعر بالقلق حيال الموعد. أمَّا الآن، وقد بات الافتتاح واقعًا، فأشعر بفرحٍ كبير وارتياحٍ عميق".