فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

نبيل فهمي مرشح مصر لمنصب أمين جامعة الدول العربية.. 38 سنة دبلوماسية

نبيل فهمي
نبيل فهمي

اختارت مصر وزير خارجيتها الأسبق السفير نبيل فهمي ليكون مرشحها الرسمي لتولي منصب الأمين العام المقبل لجامعة الدول العربية، خلفا لأحمد أبو الغيط الذي تنتهي ولايته في يونيو 2026.

ويأتي هذا الترشيح في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تحولات سياسية حساسة وتحديات تتطلب شخصية تمتلك خبرة واسعة ورؤية متوازنة، وهو ما يتوفر في فهمي الذي يعد من أبرز الدبلوماسيين المصريين والعرب في العقود الأخيرة.

ولد نبيل فهمي في الخامس من يناير عام 1951 بمدينة نيويورك أثناء عمل والده، السفير إسماعيل فهمي، في السلك الدبلوماسي، ونشأ في بيئة مشبعة بالسياسة والعلاقات الدولية.

حصل نبيل فهمي على بكالوريوس في الفيزياء والرياضيات ثم ماجستير في الإدارة العامة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، قبل أن يبدأ مشواره في وزارة الخارجية المصرية عام 1976، حيث تنقل في مواقع متعددة داخل الديوان وخارجه.

خدم فهمي سفيرا لمصر في اليابان بين عامي 1997 و1999، ثم تولى منصب السفير في الولايات المتحدة من عام 1999 حتى 2008، وهي فترة شهدت تحولات كبيرة في العلاقات المصرية الأمريكية، ما أكسبه خبرة عميقة في التعامل مع الملفات الدولية الحساسة، وبعد ذلك تولى حقيبة وزارة الخارجية المصرية في حكومة يوليو 2013 حتى عام 2014، في واحدة من أكثر المراحل السياسية دقة في تاريخ مصر الحديث، حيث قاد ملفات السياسة الخارجية في فترة انتقالية معقدة أعادت خلالها القاهرة تموضعها الإقليمي والدولي.

العمل الأكاديمي هو الآخر، لم يغفله نبيل فهمي، فاتجه إليه بعد خروجه من العمل الحكومي، مؤسسا كلية الشؤون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2009، وتولى عمادتها حتى أصبح عميدا فخريا لها.

كما شارك في لجان دولية متخصصة في نزع السلاح وعدم الانتشار النووي، وكان عضوا في مجالس استشارية لعدد من المؤسسات الدولية المعنية بالأمن والسلام الإقليمي.

يُعرف فهمي باتزانه الدبلوماسي وقدرته على بناء الجسور بين المواقف المتعارضة، وبفكره العملي الذي يميل إلى الواقعية السياسية أكثر من الشعارات.

يرى كثير من المراقبين أن ترشيحه لهذا المنصب يمثل رهانا مصريا على شخصية قادرة على إعادة الحيوية إلى الجامعة العربية وتفعيل دورها في حل الأزمات بدل الاكتفاء بإدارتها شكليا.

كما أن خبرته الواسعة في العلاقات مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة واليابان تمنحه شبكة علاقات دولية قد تساعده على دعم الموقف العربي في المحافل العالمية.

في المقابل، يواجه ترشيح فهمي تحديات ليست بسيطة، أبرزها رغبة بعض الدول العربية في كسر التقليد التاريخي الذي احتفظت فيه مصر بمنصب الأمين العام منذ تأسيس الجامعة، إلى جانب مطالب متزايدة بإصلاح هيكلي داخل الجامعة يمنحها فاعلية أكبر في إدارة الملفات الإقليمية.

ومع ذلك، تشير مصادر دبلوماسية عربية إلى أن هناك توافقا متزايدا حول ترشيحه، بالنظر إلى سجله المتزن ومكانته في السلك الدبلوماسي العربي والدولي.

يمثل نبيل فهمي نموذجا للدبلوماسي المتوازن الذي يجمع بين الخبرة الميدانية والرؤية الأكاديمية، وبين الالتزام بالثوابت المصرية والقدرة على مخاطبة العالم بلغة المصالح المشتركة.

وإذا ما تولى المنصب، سيكون أمامه اختبار صعب يتمثل في إعادة الثقة في المؤسسة العربية الأقدم، وتحويلها من إطار بروتوكولي إلى كيان مؤثر يعبر عن مصالح الشعوب العربية ويستعيد مكانتها في النظام الدولي.

يبدو أن القاهرة تراهن على أن اسم نبيل فهمي سيكون عنوانا لمرحلة جديدة في تاريخ الجامعة، مرحلة تحتاج إلى عقل بارد وخبرة طويلة، وإلى رجل يفهم أن الدبلوماسية العربية اليوم لم تعد ترفا بل ضرورة وجود.