رسالة وطن وثأر وكرامة، الطيار زكريا كمال أول شهداء القوات الجوية في حرب أكتوبر
تقترب عقارب الساعة من الثانية ظهرًا، والكل في وضع الاستعداد، بدأت لحظة الفخر والعزة، مع إقلاع 36 طائرة من طراز "سوخوي" بقيادة المقدم زكريا كمال، أحد أمهر طياري السوخوي، من قاعدة بلبيس الجوية.
حلّقت الطائرات على ارتفاع منخفض للغاية وبسرعة جنونية، في مغامرة وُصفت بأنها "مهمة مستحيلة"، لتمهيد الطريق لبداية أعظم معركة في تاريخ العسكرية المصرية: معركة العبور ونصر أكتوبر المجيد.
كلمات خالدة للبطل الشهيد
وقف البطل زكريا كمال قبل إقلاعه بدقائق وسط طيّاره، وقال بصوت حاسم ومفعم بالإيمان: «الضربات الجوية هتكون مفتاح النصر، وإحنا علينا مسئولية الدفاع عن شرف بلدنا… والثأر لرجالنا اللي راحوا في 67. استعدّوا يا رجالة».
رسالة وطن وثأر وكرامة
انطلقت الطائرات دكًّا لحصون العدو على أرض سيناء الطاهرة، وكان زكريا يقود السرب بحماس وبراعة، يشق عنان السماء كمن يصعد إلى العُلا في سماء المجد، حاملًا رسالة وطن وثأر وكرامة.
ومع الاقتراب من الهدف، أعطى البطل زكريا كمال أوامره لطياريه بالانفصال عن التشكيل وتنفيذ الضربة بدقة، فاستجابت النسور المصرية بكل شجاعة، ونُفِّذت المهمة بنجاح، ليفتحوا الطريق أمام عبور الأبطال واقتحام خط بارليف.
لكن أثناء عودته، اخترق صاروخ إسرائيلي غادر طائرته، واشتعلت النيران بها، كان بإمكانه القفز والنجاة، لكنه رفض أن يتركها، وحاول العودة بها بكل ما أوتي من قوة، مصممًا على القتال حتى اللحظة الأخيرة.
وفي تمام الساعة 2:04 ظهرًا، سقطت طائرته، وسجّل اسمه في صفحات المجد كـأول شهيد طيار في حرب أكتوبر المجيدة… شهيد العزة والشرف، زكريا كمال.