فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

محمد عبد الجليل يكتب: سيناريو الجحيم الذي تجنّبناه !.. كيف هدمت القوات المسلحة المصرية كابوس "الجيش الذي لا يُقهر"

حرب أكتوبر
حرب أكتوبر

في كل عام، حين يُهلّ السادس من أكتوبر، لا نكتفي بالاحتفال بالنصر التاريخي الذي أعاد الكرامة والأرض، بل نقف بوجل أمام سؤال وجودي مخيف: ماذا لو؟


ماذا لو كنا استسلمنا لضجيج "الجيش الذي لا يُقهر"؟ ماذا لو أرهبتنا الأساطير التي نسجها العدو حول خط بارليف، واقتنعنا حقًا بأنه جدار منيع يحتاج إلى "قنبلة نووية" لاقتحامه؟ هذا السؤال هو مفتاح فهم القيمة الحقيقية لنصر أكتوبر، ليس كمعركة عسكرية فحسب، بل كخلاص من كابوس نفسي كان يهدد ببلع مستقبل الأمة.


بعد نكسة 67، لم تكن الهزيمة عسكرية فقط، بل كانت صدمة روحية. زرع العدو في وعي المنطقة فكرة أن الضفة الشرقية للقناة أصبحت جزءًا أبديًا من كيانه، وأن العملاق المصري مكبّل ولن يستطيع الحراك. كان خط بارليف، سدًا نفسيًا بُني من اليأس والإحباط، يهدف إلى تجميد الإرادة الوطنية للأبد.


لك أن تتخيل السيناريو المظلم الذي تخلصنا منه بفضل قرار العبور الشجاع الذي اتخذه القائد العظيم محمد أنور السادات وخططته القيادة العسكرية العبقرية. لو لم تعبر قواتنا، لكانت سيناء قد تحولت إلى الجولان ثانٍ، أو جزء من واقع موازٍ مؤلم يشبه مأساة فلسطين المستمرة. لكانت أرضنا محتلة، وكرامتنا مسلوبة، ومستقبل أجيالنا رهينة وهم "التفوق المطلق".


كانت المنطقة بأسرها، "مولعة نارًا"، وكنا نحن النقطة الوحيدة التي يمكن أن تستسلم للاحتواء واليأس. لو لم يحدث العبور، لكنا اليوم نعيش حالة "جزر" سياسي وعسكري، ولكانت الهيمنة الأجنبية على مقدراتنا أمرًا واقعًا لا جدال فيه.



تدمير الأسطورة في 6 ساعات

 

لكن المعجزة حدثت. لم يكن الأمر مجرد تجهيز دبابات وطائرات، بل كان قرارًا بالإيمان. إيمان جندي سلاح المهندسين بفكرة بسيطة لكنها عبقرية: تحويل الماء إلى مدفع هدم. تلك المضخات الهندسية، التي استُخدمت لغسل رمال "بارليف" وإذابته في أقل من ست ساعات، لم تكن تدمر سواتر ترابية وحسب؛ بل كانت تنسف أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر" من جذورها، ليس في عيوننا نحن، بل في عيون العالم كله.


لقد كانت العملية العسكرية بأكملها درسًا في كيف يمكن للإرادة المحصّنة بالتدريب السري والإخلاص أن تتفوق على أعتى التحصينات المادية.


الذاكرة الخالدة والاحتياج المستمر


نصر أكتوبر ليس ذكرى سنوية تمر. إنه ركيزة صلبة نتكئ عليها في كل تحدٍ يواجهنا. إن يقظة قواتنا المسلحة وقدرتها على حماية سماء وأرض مصر، حتى في أوقات الاضطرابات الإقليمية التي لا تتوقف، هي الامتداد الحي لروح هذا النصر.


نحن في أمسّ الحاجة لتلك الذكرى، لأنها تهمس في قلوبنا وتذكرنا بأننا شعب لا يعرف الاستسلام، وأن قواتنا المسلحة ليست مجرد جيش، بل هي مخزون الكرامة والقدرة التي لا تغيب أبدًا. إنها في القلب، لتبقى مصر درعًا قويًا عصيًا على الانكسار.بفضل الله والقوات المسلحة بقائدها ورجالها الاوفياء.