يوسف شعبان يكتب: منتخب الشباب والأمراض المزمنة لكرة القدم المصرية
لم تكن خسارة منتخب الشباب المصري أمام نظيره الياباني مفاجئة لجماهير الكرة المصرية، في ظل الإعداد السيئ للفريق قبل المونديال، وهو نتاج طبيعي للعشوائية المزمنة التي تسيطر على قرارات مجالس الإدارة المتعاقبة على اتحاد الكرة وآخرها مجلس البشمهندس، فيما يتعلق باختيار الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية، وخاصة في مراحل الشباب والناشئين، والتي تشهد في جانب كبير منها مجاملة المحاسيب والأصدقاء وأصحاب الولاء.
قد يرد البعض على كلامي قائلا، وهل كنت تحلم أن ترى منتخبي الشباب والناشئين يتأهلان في عام واحد لنهائيات كاس العالم؟ وهنا أرد بوضوح بأنه لولا قرار الفيفا بزيادة عدد المنتخبات المتأهلة لمونديال الناشئين بقطر إلى 48 فريقا، بينها عشر منتخبات من القارة السمراء بدلا من أربع لما تأهل الفراعنة الصغار للمونديال، خاصة أنه احتل المركز الثالث في مجموعته ببطولة أمم افريقيا للناشئين بالمغرب، وخاض مباراة الملحق أمام أنجولا.
أما تأهل منتخب الشباب تحت 20 سنة لمونديال تشيلي، فهو ليس إنجازا، إذا أخذنا في الاعتبار أنها لم تكن المرة الأولى التي يتأهل فيها شباب الفراعنة للمونديال، فقد تواجد في ثماني نسخ سابقة بالمونديال، توج في إحداها وهي نسخة 2001 بالميدالية البرونزية تحت قيادة المدرب القدير شوقي غريب، ولكن يبقى السؤال ماذا بعد التأهل للمونديال ؟ وإلى متى تذهب منتخباتنا الوطنية لكأس العالم وتغادرها منكوسة الرأس دون أن تترك بصمة حقيقية وأداءا ينال احترام المتابعين.
أداء منتخب مصر أمام اليابان هو تجسيد واقعي للعشوائية التي تدار بها كرة القدم المصرية، ويرسخ آراء سابقة لمدرب كبير بحجم كارلوس كيروش بأن أكثر من ٩٥ ٪ من اللاعبين المصريين لا يجيدون المهارات الأساسية في كرة القدم .. كلام كيروش أكده حسام حسن المدير الفني الحالي لمنتخب مصر الوطني قبل توليه المهمة، بتصريح أثار جدلا واسعا في مايو من العام الماضي، وكل يوم تتأكد وجهة نظرهم.
منتخب الشباب ظهر عشوائيا خلال مباراته أمام اليابان في التحركات والتمرير السليم والبطء في التحول من الدفاع للهجوم، عكس المنتخب الياباني الذي يملك كل مقومات الكرة الحديثة رغم تواضع مهارات لاعبيه، ولكنهم يؤدون بشكل جماعي ويتحركون ككتلة واحدة، دفاعا وهجوما وتمريراتهم في منتهى الدقة، فحققوا الفوز بأقل مجهود واكتفوا بهدفين فقط.
وأدهشتني كثيرا تصريحات أسامة نبيه بعد المباراة بأنه راض عن أداء الفريق، وأن اللاعبين نفذوا تعليماته بشكل جيد، وقدموا أداء منظما، وكأنه كان يشاهد مباراة أخرى غير التي شاهدها الملايين.
ما يشعرني بالحزن أن الجماهير المصرية اعتادت على الأداء السيئ والنتائج المخيبة للمنتخبات الوطنية في كافة مراحلها السنية، وكأنها وصلت لمرحلة اليأس، جراء ما تقدمه منتخباتها من عك كروي، مقارنة بما تقدمه منتخبات آسيوية وأفريقية حديثة العهد بكرة القدم..فماذا لو تحدثنا عن الكرة الأوربية واللاتينية ؟
للأسف الكرة المصرية على مستوى المنتخبات الوطنية "حاجة تكسف".. حتى أننا بتنا نصف التأهل للمونديال في أي مرحلة سنية بالإنجاز، ثم نصدم ونصاب بالضغط عند أول مواجهة في المونديال، حتى لو جاءت أمام فريق ليس مصنفا.. وأسباب هذا التدهور في مستوى المنتخبات معروفة للقاصي والداني..
منها على سبيل المثال لا الحصر أن أغلب أعضاء المجلس الحالي باتحاد الكرة ليسوا متفرغين لصياغة خطط التطوير، وربما لا يجيدون التخطيط بالأساس، وليس باستطاعتهم الاستعانة بأصحاب الكفاءات ممن لديهم الخبرة والكفاءة، لوضع خطط طموحة وفق منهج علمي لإحداث طفرة حقيقية على مستوى المنتخبات الوطنية، أسوة بما يقوم به الأشقاء في المغرب.
ولا يخفى على أحد أن من يديرون شئون الكرة المصرية، هم مجموعة من موظفي اتحاد الكرة في لجانه المختلفة وفق تعليمات وتوجيهات أعضاء المائدة المستطيلة في مجلس الإدارة ممن جاءوا إلى مناصبهم بحثا عن الشهرة والوجاهة الاجتماعية.. لذلك لا توجد بادرة أمل في الإصلاح، وفي رأيي أن أي نتائج إيجابية تحققها المنتخبات الوطنية المختلفة إنما تأتي بالصدفة وأحيانًا بإجتهاد لاعبين مخلصين أو مدرب صاحب قدرات خاصة بعيدا عن التخطيط السليم وتطبيق النظريات الحديثة في علوم كرة القدم.