جودة عبد الخالق: أي برنامج اقتصادي دون معالجة أزمة الأسواق لن ينجح
قال الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التموين الأسبق وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن مصر طبّقت برنامج الصندوق الذي يعتمد على الإدارة الاقتصادية الكلية، والمعروف باسم "الثالوث المستحيل"، المتمثل في ثلاثة أهداف يسعى صانعو السياسة الاقتصادية لتحقيقها في آن واحد: استقرار سعر الصرف، وآلية دخول وخروج الأموال من الدولة، واستقلال السياسة النقدية، موضحًا أنه من المستحيل تحقيق هذه الأهداف الثلاثة معًا، حيث إن تحقيق هدفين يعرقل الثالث.
تغيير أسس السياسة الاقتصادية الكلية
وأكد عبد الخالق في تصريح لـ فيتو أن هناك حاجة ماسة لتغيير أسس السياسة الاقتصادية الكلية، ومن أبرزها وضع ضوابط على دخول وخروج الأموال الساخنة أو الاستثمار غير المباشر، مشيرًا إلى أن وزارة المالية تصدر سندات وأذون خزانة لجمع هذه الأموال دون أن يكون لها مردود اقتصادي فعلي، فالهدف فقط هو جمع الأموال وليس استثمارها.
دول أقوى من مصر اقتصاديًّا تفرض قيودًا على حركة الأموال الساخنة
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن دولًا أقوى اقتصاديًا من مصر، مثل الصين، تفرض قيودًا صارمة على حركة الأموال الساخنة رغم امتلاكها لأضخم احتياطات نقدية، بينما تتعامل مصر مع هذه الأموال معاملة مميزة دون فرض ضرائب عليها، مؤكدًا أن محاولة وزير المالية السابق هاني قدري عام 2014 فرض ضرائب على أرباح الأموال الساخنة قوبلت برفض واسع وتم إلغاء الفكرة.
فرض قيود على حركة رؤوس الأموال الساخنة لا يجعلنا نضطر إلى رفع سعر الفائدة
وأوضح عبد الخالق أن فرض قيود على حركة رؤوس الأموال الساخنة سيتيح للبنك المركزي المصري الاستقلالية، ولن يُجبر الحكومة على رفع سعر الفائدة كلما قام الفيدرالي الأمريكي بذلك، ما يعزز الاستقرار المالي في البلاد.
التصدى للاحتكار وفوضى الأسعار
وأشار إلى أن الأسواق المصرية تواجه مشاكل الاحتكار والفوضى، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل مستمر، حتى عند انخفاض الدولار، مضيفًا أن أي برنامج اقتصادي حكومي لن ينجح دون معالجة ملف الأسواق، من خلال مراجعة قانون حماية المنافسة، منع الممارسات الاحتكارية، تغليظ العقوبات، وإلغاء النص الذي يمنع تحريك الدعوى إلا بعد موافقة الوزير المختص، لأنه مخالف للدستور ويعيق المنافسة العادلة في السوق.
وختم عبد الخالق بأن إصلاح السياسة الاقتصادية يحتاج إلى دمج ضوابط مالية حقيقية مع تعزيز الرقابة على الأسواق لضمان أن تعكس السياسات الحكومية أثرها الحقيقي على الاقتصاد المصري.