فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

خبير في الصراع العربي الإسرائيلي: الولايات المتحدة تعرقل جهود تشكيل قوة ردع عربية

أحمد فؤاد أنور، فيتو
أحمد فؤاد أنور، فيتو

قال الدكتور أحمد فؤاد أنور، أستاذ العبريات بجامعة الإسكندرية والمتخصص في ملف الصراع العربي الإسرائيلي: إن فكرة تشكيل جيش عربي موحد وقوة ردع عربية قادرة على التصدي للاعتداءات التي تتعرض لها الدول العربية، ليست فكرة جديدة، لكنها لا تزال بعيدة المنال في ظل المعطيات الإقليمية والدولية الحالية.

وأوضح في تصريح لـ “فيتو" أن آخر تلك الاعتداءات تمثل في الهجوم على قطر ضمن مساعي استهداف المقاومة الفلسطينية، وهو ما أعاد إلى السطح مجددا الحديث عن ضرورة وجود قوة عربية قادرة على حماية الأمن القومي العربي.

وأشار إلى أن فكرة الجيش العربي المشترك ظهرت بجدية في عام 2015، وكان هناك تصور عملي لإنشاء هذه القوة، لكن القلق الإسرائيلي من المشروع، إلى جانب الموقف الأمريكي الداعم لتل أبيب، ساهما بشكل مباشر في إيقاف تنفيذ هذا الحلم العربي.

وأكد أن المشروع بدأ التفكير فيه قبل أكثر من 10 سنوات، لكنه يواجه مقاومة خارجية قوية، في وقت تفتقر فيه الدول العربية إلى التوافق السياسي والعسكري اللازم لإنجازه.

 

أحمد فؤاد أنور: واشنطن تعقد صفقات مع إيران على حساب العرب

وأضاف الدكتور أحمد فؤاد أنور أن فكرة تشكيل جيش عربي موحد ما زالت مطروحة حتى اليوم، ولكنها تزداد تعقيدًا بسبب التحولات في الموقف الأمريكي، خاصة في ظل انخراط واشنطن في مفاوضات وصفقات مع إيران، غالبًا ما تأتي على حساب المصالح العربية.

وأشار إلى وجود شبهات تتعلق بعلاقات مؤسسات أمريكية مع جماعات إرهابية في المنطقة، فضلًا عن التحولات الجذرية في المشهد السوري، والتي قد تفضي إلى انقسامات داخل الدولة السورية، ما يهدد وحدة الصف العربي.

وأكد أن عام 2015 شهد رغبة واضحة من مصر والسعودية والأردن، وكذلك الإمارات، في إنشاء قوة عربية موحدة، إلا أن المشروع تعرض لإجهاض متعمد بفعل خطوات مدروسة من جانب الإدارة الأمريكية وإسرائيل.

وأوضح أن الولايات المتحدة أعلنت بشكل رسمي التزامها بحماية دول الخليج من التهديد الإيراني، في خطوة بدت وكأنها تعويض عن رفضها لفكرة الجيش العربي الموحد، وفي الوقت نفسه، سعى الجانب الإسرائيلي إلى استصدار قرار من الكونجرس الأمريكي يُلزم الإدارة الأمريكية بـضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل على جميع الدول العربية، وهو قرار رسمي ما زال ساريًا حتى اليوم.


 أحمد فؤاد أنور: الضربة الإسرائيلية داخل قطر مرّت بصمت أمريكي

أكد  أستاذ العبريات بجامعة الإسكندرية والمتخصص في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، أن الضربة الأخيرة التي نفذتها إسرائيل داخل الأراضي القطرية، والتي استهدفت المقاومة الفلسطينية، كشفت مجددًا غياب رد الفعل الأمريكي، مما يضع علامات استفهام حول الموقف الغربي من أمن الدول العربية.

وأضاف أن فكرة إنشاء الجيش العربي الموحد في عام 2015 كانت قريبة جدًا من التفعيل، مشيرًا إلى أن اجتماعات عُقدت بالفعل على مستوى رؤساء أركان الجيوش العربية، وتم وضع تصور عملي لتشكيل قوة عربية، وكان من الممكن أن يرى هذا المشروع النور خلال أسابيع، لولا العراقيل التي أُحبط بها.

وأشار إلى أن هذا التحرك العربي كان يستهدف تأمين الأمن القومي العربي، خاصة مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية في أكثر من ساحة، إلا أن بعض المنصات الإعلامية والسياسية داخل العالم العربي، كانت في المقابل تطالب بضبط النفس أمام الجرائم الإسرائيلية في غزة، ما أضعف الموقف العربي الموحد.

وأكد أن إسرائيل تسعى لتحويل أهدافها التوسعية إلى واقع ملموس، سواء في الأراضي اللبنانية أو السورية، وهو ما يجعل من الضروري وجود جيش عربي موحد يمتلك القدرة على الردع والدفاع عن سيادة الدول العربية، خاصة في ظل التحديات الراهنة وتراجع المواقف الدولية المنصفة.

 

فؤاد أنور: الجيش العربي ضرورة لمواجهة التهديدات المتزايدة

وتابع المتخصص في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، أن الكيان الصهيوني يسعى لتحقيق عدة أهداف استراتيجية، أبرزها استكمال مسلسل التهجير القسري للفلسطينيين، وتوسيع رقعة عملياتها لتشمل ضربات مباشرة في اليمن وقطر، مؤكدًا أن الأوضاع الحالية تُعيد إلى الأذهان الظروف التي طرحت فيها فكرة الجيش العربي الموحد عام 2015، حيث كانت هناك حالات ووقائع ملحّة تستدعي تدخلًا عربيًا مشتركًا، مثل الأزمات المتفاقمة في السودان، ليبيا، وغزة.

وأشار إلى أن هذه الأوضاع المتدهورة تستوجب وقفة عربية جادة، واستثمار الإمكانيات الحديثة، لا سيما التكنولوجيا العسكرية المتقدمة القادمة من دول مثل روسيا، بيلاروسيا، والصين، والتي يمكن أن تخترق أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وهو ما قد يدفع الولايات المتحدة وإسرائيل إلى التصدي لأي مشروع عسكري عربي مشترك عبر إثارة القلاقل الداخلية في بعض الدول العربية.

وأوضح أن الولايات المتحدة تتحرك دائمًا من خلال تحالفات دولية وليس بشكل منفرد، مشيرًا إلى أن تدخلها في العراق، وأفغانستان، والتخلص من نظام القذافي، وحتى عملياتها في القرن الإفريقي، ومشاركتها في التحالف ضد الحوثيين، جميعها تمت ضمن تحالفات دولية، وليس بتحرك أمريكي منفرد، ما يمنحها قوة ضغط وتأثير مضاعف.

وأكد فؤاد أنور أن إسرائيل تستفيد من هذا الزخم الغربي عبر تفعيل قرار الكونجرس الأمريكي الذي يضمن تفوقها العسكري النوعي على أي دولة عربية، ما يجعل من الضروري التحرك العربي في إطار تحالف إقليمي موحد يضم الدول التي تواجه اضطرابات حقيقية مثل السودان، ليبيا، العراق، واليمن، معتبرًا أن فرص التكامل أصبحت ممكنة أكثر من أي وقت مضى، لكن الأمر يتطلب إرادة سياسية ووعي استراتيجي مشترك.

وأضاف  إن الجانب الإسرائيلي، بدعم من الجانب الأمريكي، سيعمل على وضع العراقيل وإثارة الفتن والشائعات في العواصم العربية، بالإضافة إلى إثارة قضايا مصيرية مثل ملف سد النهضة والأوضاع الاقتصادية، وذلك للضغط على مصر لقبول التهجير، وهو أمر لن تقبله مصر بالطبع. 

لكنه أكد في الوقت نفسه أن ذلك يستدعي التنسيق بين جميع الدول لتحقيق هذا الحلم، الذي سيجعل رغبات ترامب ونتنياهو بلا قيمة، خاصة إذا توافرت الرغبة لدى الدول العربية في إنكار الذات وتحقيق التكامل. رغم وجود بعض المعوقات من الجنوب، إلا أنه يمكن تجاوزها بوجود الإرادة القوية.