فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

"جيل Z" يكتب فصلا جديدا للحياة السياسية في نيبال، و"نظام النيبوتيزم" كلمة السر

مظاهرات نيبال، فيتو
مظاهرات نيبال، فيتو

بعد أيام من الاضطرابات، بدأت نيبال في استعادة الهدوء مع تولي رئيسة الوزراء الجديدة سوشيلا كاركي مهامها لقيادة البلاد نحو الانتخابات.

وبحسب وكالة «فرانس برس»، رفعت السلطات في نيبال حظر التجول، وتراجعت أعداد المدرعات والدبابات في شوارع كاتماندو، وفتحت المتاجر أبوابها من جديد، وعاد المتسوقون إلى المتاجر والمصلون إلى المعابد.

 

تظاهرات عنيفة ضد الحكومة في نيبال

والاثنين والثلاثاء الماضيين، شهدت عاصمة نيبال تظاهرات عنيفة ضد الحكومة أوقعت نحو 51 قتيلا ومئات الجرحى وفق آخر حصيلة للشرطة.

ولم تكن الاحتجاجات الأخيرة كأي احتجاجات سابقة في نيبال، حيث هيمنت عليها وجوه شابة وغاضبة، تحمل هواتف ذكية أكثر مما تحمل لافتات.

جيل زد يغير المعادلة

وانطلقت شرارة هذه الاحتجاجات من قرار بحظر منصات التواصل الاجتماعي، ما أشعل انتفاضة شبابية قادها جيل Z  لكنها سرعان ما تحولت إلى تمرد شامل ضد ما يسميه الشباب "نظام النيبوتيزم"، حيث أبناء وأحفاد السياسيين الذين يعيشون حياة مرفهة بينما يهاجر ملايين من شباب نيبال بحثًا عن فرص عمل في الخارج.

ففي الخامس من الشهر الجاري، فجّرت الحكومة النيبالية غضبًا شعبيًا واسعًا بإغلاق 26 منصة تواصل اجتماعي دفعة واحدة، منها واتساب، تيك توك، فيسبوك، ويوتيوب، بحجة عدم التسجيل القانوني، ما اعتبرها جيل زد الذي وجد نفسه مفصولًا فجأة عن أدواته اليومية للتعبير والتنظيم، استفزازًا صارخًا لحرية الرأي.

وجاءت ردود الفعل سريعة، إذ سرعان ما تحول الغضب إلى تظاهرات حاشدة في شوارع كاتماندو، مشعلة موجة احتجاجات غير مسبوقة هزّت العاصمة وأرعبت السلطات.

خرج الشباب إلى الشوارع  للاحتجاج على الفساد ونقص الفرص الاقتصادية، مطالبين بالحرية وحق التعبير والمحاسبة، ما أدى إلى مقتل 19 شخصًا وإصابة نحو 100 آخرين، إلا أن إصرارهم على التغيير بقي قويًا، وأُجبر رئيس الوزراء كيه. بي. شارما أولي على الاستقالة، معلنًا في رسالته للرئيس: "نظرًا للوضع المتأزم في البلاد، فقد استقلتُ اعتبارًا من اليوم لتسهيل حلّ المشكلة والمساعدة في إيجاد حلٍّ سياسي وفقًا للدستور".

وساهم نشطاء نيبال في نشر صور وفيديوهات المظاهرات عبر هاشتاج #NepalProtests على تويتر وإنستجرام، ما ساعد في وصول الأخبار بسرعة إلى الإعلام العالمي وجذب اهتمام المستخدمين الدوليين.

ووثقت «أسوشيتد برس»، الاحتجاجات والمظاهرات بمجموعة من الصور.

وأدت الرئيسة السابقة للمحكمة العليا سوشيلا كاركي (73 عاما) والتي أثار تعيينها ارتياحا لدى العديد من النيباليين، اليمين الدستورية على رأس حكومة موقتة، بعد تعيينها الجمعة إثر ثلاثة أيام من المحادثات. وفور تنصيبها، أمر الرئيس رام شاندرا بوديل بحل البرلمان ودعا إلى انتخابات تشريعية في 5 مارس 2026، وهو ما كان المحتجون الشباب يطالبون به.

 

وصول امرأة إلى مقعد القيادة في بلد تقليدي مثل نيبال خطوة تاريخية

ويعد وصول امرأة إلى مقعد القيادة في بلد تقليدي مثل نيبال خطوة تاريخية بحد ذاتها، وبالنسبة لجيل غاضب يرى نفسه مهمشًا، قد تكون كاركي رمزًا للأمل في التغيير.

فالقاضية السابقة ليست من الطبقة السياسية المعتادة، وليست وريثة عائلة حزبية، وهذا وحده يمنحها رصيدًا لدى شباب يبحث عن وجوه جديدة، لكن الرمزية وحدها لن تكفي لأن "جيل زد" يريد أفعالًا ملموسة؛ تتضمن الشفافية وحرية التعبير والمحاسبة وفرص اقتصادية.

والآن، كاركي ستقود حكومة مؤقتة، ومهمتها الأساسية تنظيم انتخابات مبكرة في مارس المقبل وضمان انتظام الأوضاع مجددا في البلاد، وكذلك العثور على حوالى 12500 سجين اغتنموا البلبلة للفرار من معتقلاتهم.

 

نيبال وجيل Z

تقع نيبال، الدولة الصغيرة بين قمم جبال الهيمالايا الشاهقة، في عزلة تاريخية أبعدتها لفترات طويلة عن أنظار العالم، ورغم جمال طبيعتها الخلابة، تواجه البلاد تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، تشمل ضعف الحكومات السابقة والحروب الأهلية الطويلة، إضافةً إلى مشكلات مثل الديون وعبودية الأطفال.

ينحدر الشعب النيبالي من مهاجرين قدموا من مناطق نيبال الكبرى والتبت والهند، وأجزاء من بورما ويوننان، إلى جانب السكان الأصليين. ويبلغ تعدادهم حول العالم نحو 35 مليون نسمة.

وبحسب «DW»، فأن "جيل Z"، تختلف حوله المصادر، لكن غالبيتها تشير به إلى مواليد ما بين عامي 1995 و2010، إذ كشفت منصة لينكدإن في تقرير حديث أن هذا الجيل، أصبح سوقًا مهمًا وقريبًا من أن يكون المستهلك الرئيسي عالميًا، إذ يضم نحو 78 مليون مستخدم على المنصة، أي حوالي 10٪ من إجمالي مستخدميها.