برلمان بلا معارضة.. هاشم: الاستحواذ يفرغ مجلس النواب المقبل من الصوت الآخر.. عبد الخالق: المال السياسى عاد بقوة.. وشعبان: دور الأحزاب تراجع
ألقت نتائج انتخابات مجلس الشيوخ 2025 بظلال قاتمة على المشهد السياسي، بسبب التركيبة التى انتهت إليها التشكيلة النهائية والتى غلب عليها رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال، فيما غابت النخب السياسية المؤثرة، هذه النتائج التى بدت مُعلبة وسابقة التجهيز، حتى وإن أخذت شكلًا قانونيًا، طرحت تساؤلات حول انتخابات مجلس النواب المقبلة، وسط تكهنات بأنها لن تكون أفضل حالًا من انتخابات “الشيوخ”.. “فيتو” تناقش هذه الإشكالية بكل موضوعية ومن دافع وطني.
إلى ذلك.. يقول خبير النظم السياسية بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام وعضو مجلس أمناء الحوار الوطنى الدكتور عمرو هاشم ربيع إن انتخابات مجلس الشيوخ سيطرت عليها فكرة الاستحواذ من خلال أحزاب تسعى لخلق ظهير شكلى للسلطة، ولذلك تم توزيع المقاعد بينهم، مؤكدا أن المقاعد الفردية تم توزيعها على تلك الأحزاب بنسب متقاربة، مشددا على أن هذا الاستحواذ سيكون له تأثيراته السلبية فى حال استمراره فى انتخابات مجلس النواب، لأن النتيجة ستكون مجلسًا بلا معارضة، وسيكون ذلك إخلالًا بمبدأ تداول السلطة، وهذا ليس مطلوبًا فى ظل الظروف الحالية التى تتطلب فتح المجال العام وتوسيع المشاركة، ليكون هناك بارقة أمل من خلال وجود برلمان قوى ومعارضة قوية تثرى العمل النيابى تحت قبة البرلمان، وبالتالى نتائج انتخابات الشيوخ جرس إنذار للانتخابات القادمة لمجلس النواب.
أما المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكى المصري، فيرى أن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ جاءت بمثابة صدمة لأحزاب المعارضة القديمة التى لم يحصد بعضها سوى مقعد أو اثنين عن طريق القوائم، وبالتالى انتخابات مجلس النواب ليست طوق نجاة لهذه الأحزاب، مضيفا أن احتكار السلطة من أحزاب معينة ورجال الأعمال الذين يدفعون الملايين للفوز بكرسى البرلمان ستكون نتيجته فى النهاية عدم وجود عمل سياسى وتنافس ديمقراطي، لأن الأصل فى الانتخابات هو التنافس بين برامج مختلفة، كل منها يعبر عن فئة اجتماعية تنتخب المرشح حتى يصل للبرلمان ليعبر عن طموحاتها ومشاكلها، لكن الانحياز لفئة مهنية وهى فئة رجال الأعمال الذين يملكون الأموال يفقد الانتخابات الهدف المقصود منها.
وواصل بهاء الدين شعبان حديثه بالقول: إن الرئيس طالب بفتح المجال والاستماع لكل الآراء المختلفة هناك من يعطل هذه الرغبة، ولكى تتغير نوعية المرشحين لابد أن يتغير نهج وفلسفة العمل السياسي؛ لأن الأحزاب المعارضة ككل وليست القديمة فقط لن تستطيع كسر هذه القاعدة إلا بإدراك النظام خطورة تجاهل مطالب الجماهير كما حدث فى عقود سابقة، أو أن يؤدى الأمر إلى الكبت وفقدان الثقة فى البرلمان، مؤكدا أن النظام الانتخابى يلعب دورًا فى تحجيم دور الأحزاب، وذلك من خلال نظام القوائم المغلقة، وقد طالبنا مرارًا بجعل النظام وفق القوائم النسبية حتى نفتح المجال لأكبر عدد من الأحزاب للتمثيل وفق الأصوات التى يحصلون عليها، بالإضافة إلى أن هناك تقسيمًا للدوائر يجعل من الصعب على أى حزب تغطية الدائرة بعد تقسيم مصر لأربع دوائر انتخابية، مع ضرورة فرض الرقابة على عملية مصروفات الدعاية، وبدون ذلك سيظل دور الأحزاب هامشيًا فى التمثيل البرلماني.
ويضيف شعبان أن نتائج الانتخابات القادمة لمجلس “النواب” لن تتغير كثيرًا عن الانتخابات الماضية فى “الشيوخ” من استحواذ أحزاب الموالاة الكبرى على مقاعد البرلمان، طالما ظل العمل بنظام القوائم المغلقة التى من شأنها أن تحد من تمثيل أكبر عدد من الأحزاب فى البرلمان وفقًا لعدد الأصوات التى يحصل عليها، وهو ما طالبنا به مرارًا وتكرارًا حتى يمكن إثراء الحياة السياسية وبالتالى تتغير استراتيجية الانتخابات.
أما الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التموين الأسبق وعضو لجنة الأمناء بالحوار الوطني، فيقول إن انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة تمت وفق النظام الانتخابى القديم الذى حاولنا تعديله فى الحوار الوطنى ولم ننجح، وهو نظام القوائم المغلقة، ومن خلاله تم تقسيم الجمهورية لأربع دوائر انتخابية منها دائرة 1000 كيلو من الجيزة لأسوان وتشمل عددًا من المحافظات، مضيفا: هذا النظام الانتخابى يجعل التنافس أمرًا صعبًا ولا يمكن لمرشح أن يقوم بتغطية هذه المساحة الكبيرة، وبالتالى ستكون العلاقة بين النائب والمواطن شبه معدومة، أضف إلى ذلك أن التكاليف المرتفعة للدعاية تصب فى مصلحة أصحاب المال السياسى ورجال الأعمال، فضلًا عن أن القوائم المغلقة تجعل قائمة واحدة تستحوذ على كل المقاعد.
وواصل جودة عبد الخالق حديثه قائلًا: نفس الأمر سوف ينطبق على البرلمان القادم فى ظل استمرار العمل بنظام القوائم المغلقة، عكس المقاعد الفردية التى سيكون بها قدر من المنافسة، وفى الحوار الوطنى كنا نريد تطبيق نظام القوائم النسبية، وعموما الأحزاب سيكون دورها محدودًا فى انتخابات النواب القادمة، وسوف يتحكم فى المجلس القادم القائمة الوطنية، وهذا يعنى ببساطة عودة للحزب الوطنى مرة أخرى للساحة السياسية.
أما المهندس محمد فرج، الأمين العام المساعد لشئون التدريب والتثقيف بـحزب التجمع وعضو المكتب السياسى للحزب، فيقول إن نظام القوائم المغلقة أيضًا لعب دورًا فى عدم إتاحة الفرصة للتنافس بين الأحزاب، وكما رأينا هى قائمة واحدة نجحت حال حصولها على 51% من الأصوات، مما جعلها تحصد كل المقاعد، ولو كان النظام بالقوائم النسبية لمُثلت الأحزاب بشكل أكبر حسب الأصوات التى تحصل عليها، أضف إلى ذلك أن الإقبال الحزبى للترشح على مقاعد مجلس الشيوخ منذ القدم لا يكون بالنسبة الكافية.
وتابع محمد فرج إن الانتخابات الفردية فى مجلس الشيوخ جعلت من المحافظة الكاملة دائرة واحدة، وهذا أمر صعب على أى مرشح أن يقوم بتغطية المحافظة من ناحية الدعاية والخدمات والنفقات، وبالتالى النظام الانتخابى الحالى لا يوفر تنافسية حقيقية بين الأحزاب، بل إن الأمر ظهر بوضوح فى عدم الإقبال على صناديق الاقتراع، بدليل أن نسبة المشاركة فى انتخابات مجلس الشيوخ كانت 17٪ فى الجولة الأولى و7٪ فى جولة الإعادة، أى أن حوالى 180 كرسيًا أخذتهم أربع أحزاب و20 تقريبًا على أكثر من ثمانية أحزاب، وبالتالى من المتوقع ألا تزيد هذه النسبة فى انتخابات النواب إلا بنسبة قليلة، فى ظل نظام القوائم المغلقة المعمول به، وهذا من شأنه أن يجعل تمثيل الأحزاب المعارضة داخل البرلمان ضعيفًا جدًا، وسيكون لذلك تأثير سلبى على مناقشات القوانين وغيرها تحت قبة البرلمان.