من بكالوريوس التجارة والإعلام إلى الحديد والنار.. 3 أشقاء بالمنيا يعملون في مهنة الحدادة.. ويؤكدون لـ«فيتو»: نفخر بعملنا ونصدر منتجاتنا للخارج
في قلب محافظة المنيا، وتحديدًا في إحدى الورش القديمة التي تحمل رائحة الزمن وتاريخ المهنة، يواصل ثلاثة أشقاء رحلة كفاح عنوانها العرق والصبر والإرادة.

إبراهيم محسن علي الشاذلي، خريج كلية التجارة جامعة أسيوط، كان من الممكن أن يعمل محاسبًا في أحد البنوك، فيما شقيقه علاء محسن، الحاصل على بكالوريوس تربية نوعية تخصص إعلام وصحافة.

كان ينتظره مستقبل في عالم الصحافة والإعلام، بينما شقيقهما الثالث الحاصل على مؤهل متوسط، كان أمامه فرص عمل متواضعة.

لكن القدر والظروف الاقتصادية وضعتهم جميعًا أمام خيار آخر: أن يعودوا إلى حضن المهنة التي ورثوها أبًا عن جد، مهنة الحدادة التي تمتد جذورها في عائلتهم لأكثر من مئة عام.

وسط نيران الأفران ولهيب الحديد المنصهر ودرجات حرارة تتجاوز 43 درجة مئوية، يعمل الأشقاء الثلاثة جنبًا إلى جنب، متحدين الظروف، حاملين إرث العائلة على أكتافهم.

ورغم مشقة المهنة، إلا أن حُبهم للعمل جعلهم يرفضون الاستسلام، فطوروا من أدواتهم وأساليبهم، حتى أصبحت ورشتهم تنتج مشغولات حديدية متنوعة تجد طريقها ليس فقط للأسواق المحلية، بل أيضًا إلى أسواق عربية، من بينها الأردن، حيث تُصدر منتجاتهم التي تحاكي الجودة والإتقان.

يقول إبراهيم، وهو يمسح العرق عن جبينه: "كنت أتمنى اشتغل محاسب، لكن الظروف حكمت عليا أرجع للورشة، ومع ذلك، مش زعلان.. بالعكس فخور إن شغلنا عايش من 100 سنة ولسه بيكبر بين إيدينا."

أما علاء، الذي كان يطمح أن يعمل صحفيًا، فيضحك قائلًا: "أنا درست إعلام وصحافة وكنت بحلم أكتب مقالات واشتغل في الجرائد، بس دلوقتي بكتب حكايتنا بإيدينا في الحديد والنار.. والناس بره مصر عارفة شغلنا وبتقدره."
ويضيف الشقيق الثالث الذي يعمل معهم يوميًا بلا كلل: "الحدادة صعبة ومش أي حد يستحملها، بس دي أكل عيشنا، وبدل ما نقعد نلوم الظروف قررنا نتحدى ونثبت إن اللي بيكافح عمره ما يضيع تعبه.. حلمنا نوصل بشغلنا لكل الدول العربية."

وبين مطرقة الحديد ولهيب النار، يجسد الأشقاء الثلاثة صورة حية لشباب المنيا الذي لم تسمح له الظروف بممارسة ما حلم به، لكنه لم يستسلم، بل صنع من التحدي قصة كفاح تحكى للأجيال.