الإيد الشقيانة تجد من يحنو عليها.. قانون العمل الجديد يدخل حيز التنفيذ.. الوزير: نقلة نوعية وضمانة لحقوق العمال.. والجمل: يحقق الاستقرار الوظيفي.. ومحاكم متخصصة للفصل السريع في النزاعات
دخل قانون العمل الجديد حيز التطبيق، منذ الأول من سبتمبر الجارى بعد أن صدق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى خطوة تأتى ضمن جهود الدولة لتحديث منظومة الحقوق العمالية وتحقيق الأمان الوظيفى للعاملين، ومع بدء سريان القانون الجديد يعيش العمال فى مصر حالة من الترقب حول جدواه، متسائلين هل سيحقق القانون الجديد التوازن المنشود بين حقوق العمال وأصحاب العمل؟ وهل هو فى صالح العمال أم فى صالح أصحاب الأعمال؟
بقراءة مسودة قانون العمل الجديد نجد أن من أبرز مميزاته: إلغاء استمارة 6 بشكل نهائي، ومنع الفصل التعسفى إلا بحكم قضائي، كما أن عقود العمل موحدة وغير محددة المدة، مع تنظيم العقود محددة المدة، وزيادة إجازة الوضع للمرأة إلى 4 أشهر بدلًا من 3 أشهر مع إمكانية تكرارها، وكذلك حظر التمييز والتحرش فى بيئة العمل وتغليظ العقوبات على المخالفين، وتنظيم ساعات العمل والإضافى مع منح العامل مكافآت عادلة.
وفيما يتعلق بالأجور، فقد رفع القانون الجديد الحد الأدنى للأجور مع إلزامية تطبيق زيادات سنوية، وتنظيم أنماط العمل الجديدة مثل العمل عن بُعد والعمل المرن واقتصاد المنصات، وأعطى القانون الحق فى إنشاء محاكم عمالية متخصصة للفصل السريع فى النزاعات، مع إلزام أصحاب الأعمال بدفع الأجور كاملة خلال 7 أيام من إنهاء الخدمة، وإنشاء ملف إلكترونى لكل عامل يتضمن بياناته وتطوراته المهنية، ويكون منح مكافأة نهاية الخدمة محسّنة بعد بلوغ سن المعاش، مع ضمان حماية العامل من الأمراض المعدية واستمرار صرف الأجر له خلال العزل الصحي.
القانون الجديد يمنح المرأة العاملة فى القطاع الخاص نفس الامتيازات المقررة لنظيرتها فى الجهاز الإدارى للدولة، كما يوفر حماية خاصة للعمالة غير المنتظمة، ويدمجها فى منظومة التأمينات الاجتماعية والتأمين الطبي، ويركز على دمج ذوى الهمم فى سوق العمل وتوفير بيئة عمل جاذبة للمستثمرين، وأصبح لدى مفتشى العمل صفة “الضبطية القضائية”، للقيام بالتفتيش المفاجئ على المنشآت، وكشف عن إطلاق منصة إلكترونية لتسجيل بيانات العمالة، بحيث يتم رصد أى مخالفات، مثل غياب العقود المكتوبة أو عدم تطابق أعداد العمال المسجلين مع الواقع، وهو ما يعرض المنشآت المخالفة لغرامات كبيرة.
القانون ألزم عقود العمل الجديدة أن تكون بأربع نسخ: نسخة لدى وزارة العمل، وأخرى فى التأمينات الاجتماعية، ونسخة مع صاحب العمل، ونسخة مع العامل، وعدم تحرير عقد مكتوب يعنى اعتبار العامل فى وضع تعاقد دائم مع صاحب العمل، وهو ما يعد انتصارا للعامل وحماية لحقوقه.
إلى ذلك، كشف محمد جبران، وزير العمل، فى تصريحات خاصة لـ فيتو عن أن قانون العمل الجديد يمثل نقلة نوعية باعتبار أنه يحقق التوازن بين أصحاب العمل والعمال، مؤكدا أن الوزارة تعمل خلال هذه الفترة على إصدار القرارات التنفيذية لقانون العمل الجديد وبالتحديد خلال الأسبوع الأول من سبتمبر الجاري، مشيرا إلى أن الوزارة مستمرة فى إجراء جلسات التشاور الاجتماعى بشأن هذه القرارات التنفيذية تمهيدا لإقرارها خلال الأيام القليلة المقبلة، لافتا إلى أن القرارات الوزارية تضم حوالى 87 قرارا وزاريا مكملا لقانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025، والذى سيتم البدء فى تطبيقه خلال شهر سبتمبر، من بينهم 15 قرارا لرئيس مجلس الوزراء و68 قرارا لوزير العمل، و3 قرارات لوزير العدل وقرار لوزير الصحة.
وحول مميزات القانون، أكد وزير العمل، أن المحاكم العمالية المتخصصة التى ستفصل فى النزاعات خلال 3 أشهر وفقا للقانون الجديد ستبدأ فى العمل رسميا أول أكتوبر القادم، مؤكدا أن المحاكم العمالية ستضمن حقوق العمال وأصحاب العمل على حد سواء، وتسهم فى تحقيق التوازن والاستقرار فى علاقات العمل، فضلا عن تحقيق العدالة الناجزة للجميع.
على جانب آخر، يؤكد عبد المنعم الجمل، رئيس اتحاد عمال مصر، أن قانون العمل الجديد يعد نقلة نوعية فى علاقات العمل ويوفر الأمان للعامل ويحقق نتائج ايجابية، موضحا أن القانون يحقق توازن فى العلاقة بين العمال وصاحب العمل وكل هذا شيء إيجابى لصالح المنظومة بشكل عام، مشيرا إلى أن القانون الجديد راعى ملاحظات كثيرة وابتعد عن سلبيات القانون السابق، ليصبح أكثر ارتباطا بالواقع ومتطلبات المرحلة، وهو ما يعزز من قدرة الدولة على تحسين بيئة العمل وزيادة الإنتاج، مضيفا أن أبرز مزايا القانون للعمال هى عمل عقود أكثر أمانا ومنع الفصل التعسفى وإلزامية كتابة بنود العقد بوضوح، وتجديد العقد تلقائيا إذا استمر العمل بعد انتهائه دون اعتراض.
وأوضح رئيس اتحاد عمال مصر، أن القانون الجديد وفر ضمانات تأمينية واجتماعية وعمل على ربط العمال بالمنظومة التأمينية الجديدة، كما يوفر حماية ضد إصابات العمل والأمراض المهنية، ويعمل على تعزيز الحق فى المعاش والتأمين الصحي، منوها إلى أن القانون عمل أيضا على زيادة رصيد الإجازات السنوية وتنظيم الإجازات المرضية وإجازات الأمومة ورعاية الطفل، كما منع التمييز ضد المرأة العاملة.
وأكد الجمل أن القانون عمل على تخصيص فرص عمل للشباب فى المنشآت الكبرى، وإنشاء مكاتب ولجان للتسوية قبل اللجوء للقضاء، وإنشاء محاكم عمالية متخصصة للفصل السريع فى القضايا، والعمل على تسريع إجراءات التقاضى العمالي، وإلزام أصحاب الأعمال بتوفير بيئة عمل آمنة، ووضع وسائل وقاية وتأمين ضد الحوادث، مع تكثيف التفتيش العمالي، وإدماج الصحة المهنية كثقافة مؤسسية، مشددا أن القانون يطبق على القطاع الخاص والقطاع الاستثمارى والقطاع الأهلى (الجمعيات والمنظمات)، والقطاع المختلط (شركات مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص)، ولا يطبق على موظفى الجهاز الإدارى للدولة والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية، لأن هؤلاء يخضعون لقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016.
فى المقابل، يقول مجدى البدوي، نائب رئيس اتحاد العمال: إن العمال كانوا فى حاجة لهذا القانون الجديد، وذلك لسببين رئيسيين؛ الأول أن القانون القديم المنتهية ولايته قد أُقرّ فى ظل وجود حكومة كانت هى أكبر صاحب عمل فى مصر، أما الآن فقد أصبح القطاع الخاص قاطرة العمل فى مصر، وعلاقات العمل فى ظل الوضع الأول تختلف عن الوضع الثاني، وبالتالى نحتاج إلى قانون عمل جديد يتناسب مع هذه المرحلة، لاسيما أن الشباب يتخوف من العمل فى القطاع الخاص بسبب عدم الأمان الوظيفي، وبالتالى كان يجب صياغة قانون جديد تقوم فلسفته على الأمان الوظيفى للعاملين فى القطاع الخاص.
وأضاف: السبب الثانى لصدور قانون العمل الجديد، هو أن هناك دعاوى قضائية كثيرة بعدم دستورية الكثير من مواد القانون المنتهية ولايته، وقد حكم فى بعضها وما زالت بقية الدعاوى تنظر فى المحاكم حتى وقتنا هذا، وبالتالى فقد هذا القانون الكثير من شرعيته، موضحا أن هناك الكثير من المواد تتضمن إلى حد كبير الأمان الوظيفى للعامل، مثل الاستمرار فى أن يكون الفصل عن طريق المحكمة العمالية وليس بيد صاحب العمل وحده، وإنشاء محكمة عمالية تبت فى أى دعوى قضائية خلال 90 يوما.