محمد عبد الجليل يكتب: يا محافظ القليوبية.. بأي عيد تحتفل؟.. تلال من القمامة، وشوارع مهترئة، وفوضى عارمة و"عطية" يتلقى التهاني والتبريكات؟
بينما كانت القليوبية تحتفل بعيدها القومي، وتزين شوارعها باللافتات والأنوار، كان هناك وجه آخر لا يراه المسؤولون، وجه بائس تتراكم عليه هموم المواطنين وتلال القمامة، وشوارع لم تعد صالحة للسير.
لقد احتفلتم يا سيادة المحافظ وتلقيتم التهاني والتبريكات، وأقمتم الحفلات على أنغام الإنجازات التي لم يلمسها المواطن على أرض الواقع. لكن اسمح لي أن أطرح سؤالًا واحدًا: أي عيد هذا الذي تحتفلون به؟
هل هو عيد تلال القمامة التي تزكم الأنوف في كل شبر من شوارعنا؟ أم عيد الطرق المتهالكة والحفر التي حولت السير إلى رحلة محفوفة بالمخاطر؟
في شبرا الخيمة، نموذج مصغر من المعاناة، لا ترى إلا الفوضى. إشغالات ومبانٍ عشوائية ترتفع إلى الأدوار الثالثة عشر والرابعة عشر في شوارع ضيقة لا يتجاوز عرضها الستة أمتار، وكأن القانون لا يرى ولا يسمع. أين كان المسؤولون ورؤساء الأحياء عندما كانت تلك الأبراج تقام؟ هل تحولت أعينهم عن عمد أم أن هناك ما يمنعهم من الرؤية؟
أعلم أنك كنت بالأمس في شبرا الخيمة، لافتتاح شارع نبوية موسى، وقد رسمتم طريقًا خاصًا لسيركم، طريقًا بعيدًا عن كل هذه المشاهد المؤذية، طريقًا تم تعطيره ورشه بماء الورد والرمال لتجعلوا منه وهمًا جميلًا. ولكن الواقع يرفض هذا الوهم، فالمأساة التي يعيشها سكان شبرا الخيمة لا يمكن إخفاؤها.
هل الإنجازات مجرد شعارات على الورق؟
قبل أن تضيعوا أموال الاحتفالات على خطابات الإنجازات الوهمية والزينة البراقة، كان من الأولى أن توجهوها نحو حلول حقيقية لمشكلاتنا.
فلماذا لا يتم توجيه ميزانية الاحتفالات نحو:
معركة حقيقية ضد القمامة: استئجار فرق نظافة إضافية وتوفير معدات جديدة ومحاسبة شركات النظافة المهملة، لتعود شوارعنا لتتنفس من جديد.
رصف الطرق المتهالكة: تخصيص ميزانية لإنقاذ الطرق التي أصبحت تهدد حياة المواطنين وممتلكاتهم.
إعادة إحياء الأندية المهملة: بدلًا من أن تخصصوا الميزانية لخطابات لا تسمن ولا تغني من جوع، خصصوها لإعادة تأهيل الأندية التي تئن من الإهمال، ليعود الشباب إلى ممارسة الأنشطة التي تزرع الأمل في نفوسهم.
صمت النواب.. مشاركة في الجريمة؟
أين نواب المدينة؟ هل يكتفون بحضور الحفلات والتقاط الصور؟ بينما مدينتهم تنهار، يمارسون حياتهم في مدن الرفاهية حيث يسكنون ويعيشون في "مدينتي والرحاب"، وكأن شبرا الخيمة مجرد موطن انتخابي. صمتكم يا سادة هو مشاركة في الجريمة. هذه ليست مجرد شكوى، بل صرخة من قلب مدينة يموت أهلها قهرًا.
بدلًا من الاحتفال، كان الأولى بكم أن تعلنوا حالة الطوارئ، وأن توجهوا أموال الحفلات لمعركة حقيقية ضد الفساد والإهمال. فالعيد الحقيقي سيكون عندما يشعر المواطن بالكرامة في وطنه، عندما يمشي في شارع نظيف، وعندما يجد مسؤولًا يعمل من أجله بصدق. أما الاحتفال بالقمامة والخراب، فهو عار لن يمحوه التاريخ.
رسالة أخيرة: المسئولية أفعال لا أقوال
الى المهندس ايمن عطية، محافظ القليوبية، المسئولية ليست مجرد كرسي أو لقب، المسئولية هي أن تشعر بوجع الناس وتعمل على تخفيفه، هي أن ترى بعين المواطن لا بعين المسئول.
عيد المحافظة الحقيقي ليس يومًا محددًا في التقويم، بل هو يوم يشعر المواطن أن حياته تتحسن، عندما يمشي في شارع نظيف، وعندما يرى ابنه يلعب في مكان آمن، وعندما يلمس أن هناك من يعمل لأجله.
لذا، لا تحتفلوا هذا العام. أعلنوا حالة الطوارئ، واجعلوا من هذا العام عامًا للنظافة والتطوير، عامًا للعمل الجاد والفعلي على الأرض. وقتها فقط، سيحتفل بك المواطنون من قلوبهم، لأن شبرا الخيمة وغيرها من المدن تستحق احتفالًا حقيقيًا، لا مجرد شعارات على الورق.