فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

قصة إعادة حفر بئر زمزم قبل ميلاد الرسول والأحاديث الواردة فيها

 قصة إعادة حفر بئر
قصة إعادة حفر بئر زمزم قبل ميلاد الرسول والأحاديث

 ربما لا يعلم الكثيرون أن حفر بئر زمزم على يد عبد المطّلب جدّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، كانت من الأحداث الهامة والعظيمة التي سبقت مولد وبعثة النبي، وقد عد كثير من العلماء إعادة حفر بئر زمزم من إرهاصات ميلاد النبي  صلى الله عليه وسلم.

وبئر زمزم كما هو معروف وثابت خير ماء علي وجه الأرض، وقد وردت فيها العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، وفي هذا الإطار نستعرض معكم  قصة إعادة حفر بئر زمزم والأحاديث الواردة فيها.

بين الفرث والدم.. هنا قصة حفر بئر زمزم بعد طمسه والغراب الأعصم
 قصة إعادة حفر بئر زمزم قبل ميلاد الرسول والأحاديث الواردة فيها

الأحاديث الواردة في فضل ماء زمزم

ماء زمزم كما هو ثابت ومعلوم خير ماء على وجه الأرض. ووردت فيه الكثير من الأحاديث نورد منها:

 عن عبد الله بن عباس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خَيرُ ماء على وجْه الأرض ماء زَمْزم، فِيه طعامٌ من الطُّعْم، وشِفاءٌ من السُّقْم) رواه الطبراني.

 وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له عن ماء زمزم: (إنَّها لمباركة، هي طعام طُعمٍ، وشِفاءُ سُقمٍ) رواه الطبراني. (خيرُ ماءٍ على وَجهِ الأرضِ) أي: أفضل أنْواع الماء على وجه الأرض قاطِبةً (ماء زَمزَم) هي البِئرُ المَشهورة في المسجد الحرام، ولعلَّ هذا لما فيه مِن البَركة، (فيه طَعامٌ مِن الطُّعم) أي: تسُدُّ مَسَدَّ الطَّعام، وتُشبِع شاربَها وتُقوِّيه، كما يُشبِعُ الطَّعامُ ويُقوِّي، (وشِفاءٌ مِن السُّقْم) أي: وفيه شِفاءٌ للنَّاس مِن الأمراض إذا شُرِبَ بنيَّةٍ صالحة.. وفي الحديث: فضل ماءِ زَمزَم.

قال ابن القيم في كتابه "زاد المعاد": "ماء زمزم: سَيِّدُ الْمِيَاه وَأَشْرَفها وَأَجَلُّهَا قَدْرًا، وَأَحَبُّهَا إلى النفوس وأغلاها ثمنا وَأَنْفَسها عِنْدَ النَّاس، وَهُو هَزْمَة جِبْرِيل وَسُقْيَا اللَّه إِسْماعيل.. وقد جربْتُ أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمورًا عجيبة، واستشفيتُ به من عدة أمراض، فبرِئتُ بإذن الله، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريبًا من نصف شهر أو أكثر ولا يجد جوعًا". 

وفضل ماء زمزم ثابت في أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفوائدها الصحية ثابتة علميا ومعروفة بالتجربة.

قصة إعادة حفر بئر زمزم:

قصة حفر بئر زمزم رواها ابن إسحاق في السيرة النبوية، والبيهقي في "دلائل النبوّة"، وابن كثير في "البداية والنهاية" من حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه الذي صححه الشيخ الألباني، يقول فيه: (بينما عبد المطلبِ نائمٌ في الحِجرِ أُتِيَ فقيل له: احفُرْ بَرَّةً (اسم من أسماء زمزم)، فقال: وما بَرَّةُ؟ ثم ذهب عنه حتى إذا كان الغدُ نام في مضجعِه ذلك فأُتِيَ فقيل له: احفر المضنونة (الغالية النفيسة)، قال: وما المضنونة؟

 ثم ذهب عنه حتى إذا كان الغدُ فنام في مضجعِه ذلك فأُتِيَ فقيل له: احفِرْ طَيْبَة (من أسماء زمزم)، فقال: وما طَيْبَة؟ ثم ذهب عنه، فلما كان الغدُ عاد لمضجعِه فنام فيه فأُتِيَ فقيل له: احفِرْ زمزم، فقال: وما زمزم؟ فقال: لا تُنزَف ولا تُذمُّ (لا يفرغ ماؤها ولا توجد قليلة الماء). ثم نعت (وصف) له موضعَها فقام يحفرُ حيثُ نُعِت.

 فقالت له قريشٌ: ما هذا يا عبدَ المطلب؟ فقال: أُمِرتُ بحَفر زمزم، فلما كشف عنه وبصُروا بالطَّيِّ قالوا: يا عبدَ المطلب إنَّ لنا حقًّا فيها معك، إنها لَبئرُ أبينا إسماعيل، فقال: ما هي لكم، لقد خُصِصتُ بها دونَكم، قالوا: أتحاكمُنا؟ قال: نعم. قالوا: بيننا وبينك كاهنةُ بني سعدِ بنِ هذيم، وكانت بأطراف الشام، فركب عبد المطلب في نفرٍ من بني أُميَّةَ، وركب من كلِّ بطنٍ من أفناء قريشٍ نفرٌ،

 وكانت الأرض إذ ذاك مفاوزَ فيما بين الحجازِ والشام، حتى إذا كانوا بمفازةٍ من تلك البلادِ فَنِيَ ماءُ عبدِ المطلب وأصحابه حتى أيقَنوا بالهلكة، ثم استَقوا القومَ فقالوا: ما نستطيع أن نسقِيَكم، وإنا نخاف مثلَ الذي أصابكم. فقال عبدُ المطلِب لأصحابِه: ماذا تَرَوْن؟ قالوا: ما رَأْيُنا إلا تَبَعٌ لرأْيِك. 

قال: فإني أرى أن يحفِرَ كلُّ رجلٍ منكم حفرتَه، فكلما مات رجلٌ منكم دفعَه أصحابُه في حفرتِه حتى يكون آخرُكم يدفعُه صاحبُه، فضَيْعَةُ رجلٍ أهونُ من ضَيْعَةِ جميعِكم، ففعلوا ثم قال: واللهِ إنَّ إلقاءَنا بأيدينا لِلموت، ولا نضرب في الأرض ونبتغي، لعل اللهَ أن يسقِيَنا لعجز.

 فقال لأصحابِه: ارْتَحِلوا. فارتحَلوا وارتحل. فلما جلس على ناقتِه، فانبعثَتْ به انفجَرتْ عينٌ تحت خُفِّها بماءٍ عذبٍ فأناخ وأناخ أصحابُه، فشربوا واستقَوا وأسقَوا، ثم دعوا أصحابَهم: هلُمُّوا إلى الماء فقد سقانا الله، فجاؤوا واستَقَوا وأَسقَوا ثم قالوا: يا عبدَ المطلب! قد واللهِ قُضِيَ لك، إنَّ الذي سقاك الماءَ بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم، انطلِقْ فهي لك، فما نحن بمخاصِميك). قال ابن الأثير: "وفي حديث زمزم: أتاه آتٍ، فقال: احفر برة. سماها برة لكثرة منافعها وسعة مائها".

 أسماء بئر زمزم 

نقل ابن منظور في "لسان العرب" عن ابن بري اثني عشر اسمًا لزمزم، وقد ذكر العلماء أسبابا كثيرة لتسميتها بهذه الأسماء، وعللوا كل تسمية بعلة تناسب ما رجحوه، وإنما حصل هذا الخلاف لعدم ورود نص من الشرع بذلك، وقد لخص هذه الأسماء الجمل في "فتوحات الوهاب بتوضيح شَرْح منهج الطلاب" بقوله: "وأصلها من ضرب جبريل الأرض بجناحه حين عطشت هاجر وولدها إسماعيل، لما وضعها إبراهيم عليه الصلاة والسلام هناك بأمر الله تعالى، ولما فاض منها الماء على وجه الأرض قالت له هاجر: زم زم، أي اجتمع يا مبارك، فاجتمع فسُميت زمزم، ويقال لها: زمازم، وقيل: لأن الماء حين خرج منها ساح يمينا وشمالا فزم أي منع بجمع التراب حوله، وروي: لولا أمكم هاجر حوطت عليها لملأت أودية مكة، وقيل: لأنه سمع منها حينئذ صوتًا يشبه صوت الفرس عند شربها المسمى بذلك، ولها أسماء كثيرة: زمزم، وهزمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل، وبركة، ومصونة، وعونة، وبشرى، وصاحبة، وبرة، وعصمة، وسالمة، وميمونة، ومعذبة، وكافية، وطاهرة، وحرمية، ومرورية، ومؤنسة، وطيبة، وشباعة العيال، وطعام طعم، وشفاء سقم".

يذكر أن بئر زمزم هي تلك البئر المباركة التي فجرها جبريل بعقبه لإسماعيل وأمه هاجر، حيث تركهما نبي الله وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأمر من الله عز وجل في ذلك الوادي القفْر الذي لا زرع فيه ولا ماء، وذلك حين نفد ما معهما من زاد وماء، وجهدت هاجر وأتعبها البحث ساعية بين الصفا والمروة ناظرة في الأفق البعيد علها تجد مغيثًا يغيثها، حتى كان مشيها بينهما سبع مرات، ثم رجعت إلى ابنها فسمعت صوتًا، فقالت: أسمع صوتك فأغثني إن كان عندك خير، فضرب جبريل الأرض، فظهر الماء، فحاطته أم إسماعيل برمل ترده خشية أن يفوتها، قبل أن تأتي بالوعاء، فشربت ودرت على ابنها. 

أهم الإصلاحات

 جرى على قبة زمزم بعد ذلك العديد من الإصلاحات والترميمات من أهم هذه الإصلاحات: 

(1) عمرت زمزم في عصر المماليك في عهد السلطان الناصر فرج بن برقوق عقب حريق أصاب المسجد الحرام في ليلة الثامن والعشرين من شوال سنة اثنين وثمانمائة.

 (2) عمرت قبة زمزم سنة 815هـ على يد قاضي مكة “جمال الدين محمد بن أبي ظهيرة”. 

(3) في عهد “السلطان قايتباي” تم إصلاح بئر زمزم وتجديد رخامها، وكان سنة 884 هـ. 

(4) أما في العصر العثماني فقد كان الاهتمام كبيرًا بالمسجد الحرام، وقد جرى العديد من الإصلاحات على مبنى زمزم، وخصوصًا في عهد “السلطان سليم الثاني” سنة 982 هـ.

اقرأ أيضا:

حكم الشرع في ترك فريضة الحج مع القدرة عليها (فيديو)

 (5) تم تجديد قبة زمزم في عهد السلطان أحمد سنة 1201 هـ. 

(6) تم تجديد مبنى زمزم في عهد السلطان أحمد الرابع سنة 1083هـ، وفي عهد السلطان عبد الحميد الأول سنة 1187هـ – سنة 1203هـ. 

(7) جرت أكبر عمارة على قبة زمزم قبل أيامنا هذه في عهد السلطان عبد الحميد الثاني 1300هـ، وقام بها المهندس السيد محمد صادق. 

بالصور.. ماذا تعرف عن "بئر زمزم" ؟
 قصة إعادة حفر بئر زمزم قبل ميلاد الرسول والأحاديث الواردة فيها

(8) في العصر الحديث أُعيدَ بناء زمزم من جديد بعيدًا عن مكانها الأصلي؛ نظرًا لأن المبنى القديم بالقرب من الكعبة يعوق الطواف لكثرة أعداد الحجيج، وقد تم توصيل مياه زمزم إلى مكانها الجديد من الجزء الشرقي من الحرم عن طريق (مواتير) رفع ومواسير، كما تم تخصيص مكان للرجال وآخر للنساء.