معاني وإشارات قرآنية
القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل المعجز المحكم المتقن، المتعبد بتلاوته، وهو سبيل الهداية والرشد والرشاد والسلامة في الدنيا والفوز والنجاة والسعادة في الآخرة، به تنشرح الصدور وتستنير القلوب وتتزكى العقول والفهوم، وهو منهج حياة، وهو الجامع لوجوه المعاني والجامع للإشارات والعبارات..
دعانا الحق سبحانه إلى تدبره والتفكر والإمعان في آياته والعمل بتعاليمه وأحكامه وإقامة حدوده، فقال عز وجل "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"، من قرأه فقد كلم الله تعالى، ومن سمعه فقد كلمه الله سبحانه وتعالى، هذا وليس المراد منه قراءته فقط وإنما كما ذكرنا فهمه وتدبره وإستخراج المعاني الروحية والأسرار والحقائق الربانية المكنونة فيه..
فللخطاب الرباني معاني ظاهرة ومعاني باطنة، هذا والمعاني المكنونة في آياته يفتح الله تعالى بها من عين الكرم والجود الإلهي على قلوب وعقول عباده الأتقياء الأنقياء الأصفياء، الذين استقاموا على منهجه عز وجل والتزموا بأوامره ونواهيه وأقاموا حدوده وأحكامه سبحانه، وشغلوا بتلاوته وتدبر معانيه..
وهؤلاء هم أصحاب ما يسمى بالفهم الرباني، أي يفهمون بالله تعالى عنه سبحانه به عز وجل، والإشارة إلى ذلك جاءت في قوله جل جلاله "فَفَهَّمْنَٰهَا سُلَيْمَٰنَ"، وفي تدبر آيات القرآن يقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه "لا خير في عبادة لا فقه فيها، ولا في قراءة لا تدبر فيها"..
ويقول سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن"، ويقول ابن القيم رحمه الله " قراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، والتدبر أنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وتذوق حلاوة القرآن"..
هذا ومفتاح التفكر والنظر والتأمل في آيات الله تعالى هو ذكر الله تبارك في علاه، حيث يقول جل شأنه " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ".