فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

الباحثون عن البيض.. من زمن الرجالة لزمن وجع الضهر

زمان، في بيوت مصرية بسيطة، كان الأب يخرج من الفجر رايح شغله، يعرق طول النهار في المصنع أو الورشة أو المكتب، ويرجع بالليل شايل معاه كيس خضار، فرخة ولا نص كيلو لحمة، كرتونة بيض، ويمكن لعبة صغيرة لولاده، كان التعب وسام شرف، وكان شيل المسئولية مش اختيار، بل فرض لا يقبل النقاش، الراجل كان يتباهى إنه قادر يوفر، مش يهرب.

دلوقتي، يخرج علينا جيل جديد.. جيل الباحثين عن البيض، جيل شايف إن القوامة عبء ثقيل، والإنفاق رفاهية مش إلزام، شباب قاعدين قدام الكاميرات يتكلموا بكل ثقة إن الست لازم تشيل، والراجل يكفيه إنه يحافظ على صحته.

 

واحد منهم قال وكأنه اكتشف معادلة رياضية: مش منطقي أتعب نفسي في البحث عن أرخص طبق بيض، في حين إن مراتي بتصرف مرتبها كله في البيوتي صالون!

هو شايف إن البيض أصبح مثل الغاز الطبيعي، نادر وصعب المنال، وإن رحلة البحث عنه مسئولية دولة، مش رجل، بينما راتب الزوجة -في نظره- ثروة قومية ضائعة بين قص الشعر وطلاء الأظافر.

أما الآخر، فكان أكثر شاعرية، لامس ظهره بأنامل حزينة وقال: أنا مقدرش أشيل مسؤولية البيت.. أصلي ضهري واجعني.

ضهره يوجعه من فكرة المسؤولية، لكن لا يوجعه من الجلوس بالساعات على القهوة، أو من حمل اللاب توب الفاخر الذي لا يعرف غير لعب ببجي عليه.

 

قارن بين جيلين، جيل زمان لما كان الأب يشتغل طول اليوم عشان يعلم أولاده. يدفع إيجار، ويجهز بناته، ويقول بفخر أنا اللي شايل البيت على كتافي.

جيل دلوقتي اللي بيشتكي من سعر البيض، يلوم الزوجة على جلسة في البيوتي صالون، ويقول: القوامة مش منطقية في 2025.

 

الفرق مش في الزمن، الفرق في الإرادة، الأول كان يشوف الرجولة في الإنفاق والتعب، والتاني يشوف الرجولة في التهرب والمنظرة على السوشيال ميديا.

 

المفارقة إن جيل وجع الظهر ده، هو نفسه اللي مش بيقبل يلبس غير براند، ومش بيشرب قهوة إلا من كافيه سعر الكوباية فيها قد تمن كرتونة بيض، هو يشتري موبايل غالي، ويشتكي من إيجار الشقة. يحط إيربودز برو في ودنه، ويقول: معنديش فلوس أجيب أنبوبة غاز.. هنا الكوميديا السوداء: الرجولة عنده مش مرتبطة بالمسؤولية، لكن مرتبطة بالمظاهر.

 

الحقيقة إن الزواج مش لعبة ولا استضافة مؤقتة، الزواج ميثاق ومسؤولية، والراجل هو الأساس فيه بالإنفاق، مال الزوجة لها وحدها، ولو ساعدت فهي صاحبة فضل، مش صاحبة واجب.. ومن لا يقدر على شيل بيت، فالأصل أن يبتعد عن فكرة الزواج، لأن الرجولة لا تقاس بماركة التيشيرت ولا بعدد اللايكات، بل بقدرة الراجل على إنه يكون سند وحام ومسؤول.

وكما قالوا زمان: الراجل مش بس بكلمته، الراجل برعايته لبيته وأسرته.. واللي مش قد مسئولية البيض.. يخليه في بيتهم، ويخلي الجواز للرجالة.