محمد عبد الجليل يكتب: بعد وفاة الطفل حمزة بوجبة نوديلز.. لماذا اهتم وزير الداخلية بالحادث شخصيًا؟! صوت يصرخ ثم يصمت، قصة وفاة الابن في أحضان والديه مسموما
في ليلة لم يتوقع أحدٌ أنها ستكون الأخيرة، ودَّعَت عائلة ابنها الوحيد حمزة، التلميذ اليافع الذي كان يملأ البيت صخبًا وحياةً، لم تكن هذه مجرد قصة وفاة عابرة، بل مأساة، وأثارت اهتمامًا غير مسبوق من أعلى المستويات الأمنية في البلد.. بعدما ظن الأب أن مأساة ابنه لن تهم أحدًا سوى أسرته، جاءته قوة من قسم شرطة عين شمس، يتقدمها المأمور، ليقول له: "يا حاج، السيد وزير الداخلية مهتم بقضية ابنك حمزة.. ممكن تساعدنا فين المحل اللي اشترى منه حمزة المعلبات؟".
تردد الأب للحظات، ثم اصطحب القوة التي ألقت القبض على صاحب المحل، وتم تشميعها بالشمع الأحمر. فما هي قصة حمزة؟ وكيف مات مسمومًا بين يدي والديه؟
آخر لحظات مع قرة العين
يتحدث الأب بقلب يعتصره الألم: “كان حمزة ثمرة فؤادي وقرة عيني.. صلى العشاء مع شيخه، ثم عاد إلى البيت بعد حصة حفظ مكثفة.. كان يحب المعكرونة سريعة التحضير والوجبات الخفيفة.. أكلها، وبعد حوالي نصف ساعة، بدأ يصرخ، وكأن جسده يتلقى سمًا قاتلًا.. تعرَّق بغزارة، وفقد قوته التي كانت دائمًا محل فخرٍ لنا.. كان قويًا للغاية، يمارس الرياضة ويصارعني في مزاح لا أقوى عليه، لكن في تلك اللحظة، لم يقوَ حتى على الوقوف”.
تسرع العائلة إلى مستشفى قريب، لكن الطبيب يشخّص الحالة دون فحص دقيق بـ"التهاب في جدار المعدة"، ويعلق له محاليل ومسكنات.. تتحسن حالته لربع ساعة، ثم تتدهور بشكل مفاجئ.. يلاحظ الممرض أن وجهه بدأ يزرق، وينصحهم بالانتقال إلى مستشفى آخر.

رحلة محفوفة بالألم والشكوك
يقول الأب: “توجهتُ به إلى مستشفى خاص، وهناك أخبرني الطبيب أن حالة ابني تشبه حالات التسمم، ونصحني بالذهاب به إلى مركز السموم.. كانت رحلتنا إلى مستشفى الدمرداش تستغرق ساعتين، وابني يصرخ بصوت يملؤه الألم، يقول لي: “الحقني يا بابا، هاموت”، ويقول لأمه: ”هانوصل امتى يا ماما، أنا هاموت". كان يصرخ وهو بين أحضاننا، لكننا كنا عاجزين تمامًا.
بمجرد وصوله إلى المستشفى ووضعه على النقالة، يصمت صوت حمزة فجأة، ويشهق شهقة أخيرة ثم يسكن جسده.. يحاول الأطباء إنعاش قلبه دون جدوى.. كانت الصدمة الكبرى في التحقيقات التي بدأت على الفور.. يسأل الأطباء: "هل تناول مخدرات؟" يصرخ الأب في وجههم: "حاشا لله! ابني لا يعرف هذه القذارة!".
ورغم أن التحاليل أثبتت براءته من هذا الادعاء، إلا أن الأطباء لم يجدوا أي سبب آخر لوفاته.
وزير الداخلية يتابع ويتخذ إجراء فوريا
بعد إبلاغ الأسرة بوفاة حمزة رسميًا في السادسة صباحًا، تبدأ الإجراءات القانونية.. يرسل قسم الشرطة فرقة مباحث إلى منزل العائلة، حيث يعاينون مكان وفاة حمزة، ويصورون الأكياس التي كانت تحتوي على الوجبات الخفيفة والمعكرونة.
يطلب وكيل النيابة، وهو رجل محترم حسب وصف الأب، إحضار سجادة الصلاة التي كانت عليها آثار القيء والأكياس بنفسها، ثم يقرر تشريح الجثة، رغم رفض الأب المستمر.
يقول الأب: "كنت أرفض التشريح، لكن وكيل النيابة أقسم لي أنه لمصلحة ابني، وأن ذلك سيكشف عن سبب الوفاة.. في تلك الليلة، تلقيتُ اتصالًا من مأمور القسم، يقول لي: 'أنا وقوة من المباحث قادمون إليك'.
وعندما جاء، قال لي: "السيد وزير الداخلية يتابع قضية ابنك شخصيًا.. أعطنا أسماء المحلات التي اشترى منها هذه الوجبات".
وبالفعل، أُلقي القبض على صاحب المحل، وأُخذت عينات من الوجبات، وتم إغلاق المحل بالشمع الأحمر".
صدمة وصرخة أخيرة
يختتم الأب قصته بتفاصيل الجنازة الدامعة: “في اليوم التالي، استلمتُ جثمان ابني من المشرحة.. غسلته وكفنته ودفنته.. لم أحكِ هذه القصة لأجل الشهرة، بل لأجل أمرين.. الأول هو تحذيركم جميعًا، الآباء والأمهات، من مخاطر هذه الأطعمة. والثاني هو طلب دعواتكم الصادقة لي ولوالدته بالصبر. هذه القصة بمثابة بلاغ إلى هيئة سلامة الغذاء وإلى كل مسؤول. سامحوني، والله إن في قلبي نارًا، ووجدت في الكتابة متنفسًا لتخفيف آلامي”.
تظل قصة حمزة صرخة مدوية في وجه الإهمال، وتذكيرًا بأن حياة الأبرياء قد تكون ثمنًا لمنتجات غير آمنة.. فهل ستكون قصة حمزة سببًا في إنقاذ حياة أطفال آخرين؟