حوادث كاشفة للسقوط الأخلاقي!
ماذا حدث للمصريين؟ ولماذا هذا الانحدار والسقوط الأخلاقي؟ وكيف نستعيد زمام الأخلاق ورونقها؟ وهل يمكن أن نتقدم بمعزل عن الأخلاق الحميدة؟ أسئلة باتت تُطرح يوميًا، وتطرق آذاننا مع كل مشهد صادم نراه على منصات التواصل الاجتماعي أو في شوارعنا.
شباب يتحرشون، فتيات يستعرضن الانحلال، بلطجية يجاهرون بالسلاح في وضح النهار، وأصوات نشاز تتباهى بالسقوط وتروّج له كما لو كان بطولة.
لقد تغيرت ملامح الشارع المصري كثيرًا. لا نتحدث هنا عن شكل الملابس أو أسلوب الحديث، بل عن انهيار تدريجي في منظومة القيم التي طالما ميزت هذا الشعب. فمن أين بدأ الخلل؟ وكيف وصلنا إلى هذا القاع الذي يُعرض بفخر على تيك توك ولايفات فيسبوك؟
قد يُقال إن التكنولوجيا هي السبب، أو أن الفقر هو الجاني، أو أن الانفتاح الثقافي بلا وعي هو من سمح لكل هذا بالحدوث. لكن الحقيقة أعمق من ذلك. الانحدار الأخلاقي لا يحدث فجأة، بل هو نتيجة تراكمات من الإهمال والتخلي عن أدوار حيوية: الأسرة التي انسحبت، التعليم الذي أُفرغ من محتواه، الإعلام الذي بدلًا من أن يوجه، راح يروّج للتفاهة.
فهل يمكن أن نحقق أي تقدم حقيقي في ظل هذا التدهور الأخلاقي؟ الإجابة ببساطة: لا. لا اقتصاد ينهض بلا ضمير، ولا مجتمع يستقر بلا احترام متبادل، ولا وطن يُبنى بلا شرف وأمانة. كل حضارة قامت، قامت على أساس من القيم. وحين تهاوت تلك القيم، سقطت معها الحضارات مهما بلغت من علم وقوة.
لكن رغم كل شيء، ما زال فينا أمل. ما زلنا نرى رجال شرطة يتحركون بسرعة لضبط المتحرشين والبلطجية. ما زلنا نرى مواطنين شرفاء يرفضون الصمت على الخطأ. ما زالت في الشارع المصري ملامح نخوة، ووجوه تقاوم التيار.
وما نحتاجه الآن هو مشروع نهضة أخلاقية بقدر ما نحتاج لمشروعات اقتصادية. نحتاج لإعلام بديل يُعيد بناء الذوق العام. نحتاج لتعليم يعيد زرع الانتماء والضمير. نحتاج إلى القدوة، وإلى الخطاب الديني والوطني الذي يتحدث بلغة هذا الجيل دون أن يجرفه.
إن استعادة زمام الأخلاق ليست رفاهية، بل هي ضرورة بقاء. ولن نسترد رونقنا كأمة إلا إذا عدنا نحترم الحياء، ونحتفي بالأمانة، ونربي أبناءنا على أن الشهرة ليست غاية، وأن الموبايل ليس مربيًا، وأن كل فعل صغير يصنع صورة وطن بأكمله.. فهل ننتبه لحجم الخسارة الكبرى بانحدار الأخلاق!