فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

منازل ومقامات عباد الله المقربين

في حوار بين إثنين من خلاصة أبنائي ومريديني وتلامذتي في الله تعالى، الشيخ محمد عبد السلام كتب بوست على الفيسبوك  قال فيه: ليس بعد الرضا إلا الرضا، فعلق الشيخ رضا الشاعر قائلًا: بعد الرضا الرضوان، آخدا بقوله تعالى "رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ".. 

 

أحبابي الغاليين مقام الرضا عبارة عن منزلة من منازل القلوب، وهو يعنى رضاء العبد عن ربه تعالى، ويتجلى ذلك في الصبر الجميل الخالي عن الغضاضة في النفس والشكوى على الإبتلاء، والرضا والتسليم عند القضاء، والرضا بالرزق القليل، وقسمة الحق سبحانه وتعالى، وهو مقام من أخص مقامات القلوب والمنازل القلبية التي يفيض بها الحق عز وجل من عين الكرم والجود الإلهي.

 

وفي الحديث عنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه قال: "أعبد ربك بالرضا. فإن لم تستطع فعليك بالصبر ففي الصبر على ما تكره خير كثير".. إلا أنه ليس المنتهى في المنازل والمقامات فبعده يُقام العبد في مقامات اليقين بداية: علم اليقين ثم عين اليقين ثم حق اليقين.. 

 

وعلى أثره يرتقي العبد من إيمان الإعتقاد إلي إيمان الشهود، فيترقى بتوحيده إلى الأحدية، والواحدية والتفريد فيتحقق بأن ليس هناك في الكون والوجود غير ولا سوى، وأن ليس هناك موجود إلا الله فهو الأول والآخروالظاهر والباطن سبحانه.. 

 

وعلى إثر ذلك يصل إلى مقام الفناء فيفنى عن نفسه أي عن رؤية نفسه، ويتحقق بأن الله تعالى هو الفعال وهو من بيده الأمر والفعال، وعند فناءه عن نفسه يبقى بربه بمعنى أن الله يتولاه بالكلية.. ثم مع إستمراره في حال إقباله على ربه تعالى ومولاه جل في عُلاه، يٌقام فيما يُسمى بفناء الفناء، فلا يرى غير ولاسوى، وهذا المقام أشار إليه الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بقوله "وفي فنائي فنى فنائي.. وفي فنائي وجدت أنت".. 

 

ولا يصل العبد إلى كل هذه المقامات والمنازل إلا بعد اتصال لطيفه وروحه بأصلها، وهو النور الذاتي المحمدي وبفناءه فيه، لأنه عليه الصلاة والسلام وعلى آله هو الوحيد الذي له خصوصية التعرف على الله عز وجل، ولقد أشار عليه الصلاة والسلام إلى ذلك بقوله وهو يُقسم بالله تعالى "فوالله إني لأعرفكم بالله وأتقاكم له واخوفكم منه".. 

هذا والمنازل والعطاءات الإلهية ليس لها حدود ولا إنتهاء، إذ أن هناك بعد التحقق بالأسماء الحسنى والصفات العٌليا والمقام في مقام المعرفة بالله.. الإرتقاء إلي مقام التعرف على المكنون وما وراءه. والمخزون ومن وراءه من صفات الله سبحانه وتعالى.. فالأسماء والصفات المعلومة لنا تشير إليه تبارك في عٌلاه، ولكنها لا تُعرفك به جل جلاله ولا تُدخلك عليه سبحانه.. هذا وللحديث بقية.