فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى بيعة المعتصم بالله، الخليفة التاريخي الذي استجاب لصرخة "وامعتصماه"

الخليفة المعتصم بالله،
الخليفة المعتصم بالله، فيتو

في مثل هذا اليوم من عام 833م، تولى محمد بن هارون الرشيد، المعروف بالمعتصم بالله، منصب الخلافة العباسية بعد وفاة أخيه الخليفة المأمون. يومها، لم تكن البيعة مجرد إجراء شكلي، بل كانت بداية لمرحلة جديدة في التاريخ الإسلامي، سجّل فيها اسم المعتصم كأحد أبرز خلفاء بني العباس الذين خاضوا معارك فاصلة وتركوا إرثًا يصعب تجاوزه.


نشأة المعتصم بالله في المجد العباسي

ولد المعتصم بالله في بغداد سنة 796م، وكان الابن الثامن للخليفة هارون الرشيد، من جارية تركية اسمها "ماردة". 

لم يكن بارعا في الشعر كأخيه الأمين، ولا في الفلسفة كأخيه المأمون، لكنه امتلك عقلًا عسكريًّا من الطراز الرفيع، وبنية قوية جعلته يفضل قيادة الجيوش أكثر من إدارة الدولة.

في عهد المأمون، بدأ المعتصم يشق طريقه كقائد عسكري بارز، ونال ثقته الكبيرة، حتى جعله واليًا على الشام ومصر في بعض الأوقات، ثم قائدًا عامًا لجيوشه، وخاصة في حروبه مع البيزنطيين.

 

صعود المعتصم بالله إلى عرش الخلافة 

مع وفاة المأمون في طرسوس، وبلا وريث مباشر للعرش، انتقل الحكم بسلاسة إلى المعتصم، ليصبح ثامن الخلفاء العباسيين. وما إن تسلم مقاليد الدولة حتى بدأ في بناء نظام مختلف، أكثر عسكرية وانضباطًا، وأقل انحيازًا للجدالات الكلامية أو العقلانية المعتزلية التي تبناها المأمون.

وقرر المعتصم أن ينشئ قاعدة جديدة لجيشه من الأتراك، فأسس مدينة سامراء سنة 836م، لتكون عاصمة بديلة لبغداد، تقل فيها الاحتكاكات بين السكان والجنود الأتراك، الذين شكّلوا عماد قوته.


قصة نداء الاستغاثة الشهير “وامعتصماه”

أبرز معارك المعتصم بالله كانت فتح عمورية سنة 838م، تلك المدينة البيزنطية التي شكلت عقدة نفسية وعسكرية للمسلمين كما استجاب المعتصم لنداء الاستغاثة الشهير "وامعتصماه" الصادر عن امرأة مسلمة أسيرة، فجهّز جيشًا جرّارًا، وانتقم لها بهدم أعمدة عمورية، في مشهد دوّنته كتب المؤرخين وذاكرة الشعوب.

كما واجه المعتصم ثورات داخلية مثل ثورة "بابك الخرمي" في أذربيجان، والتي أنهكت الخلافة لسنوات طويلة، لكن المعتصم نجح في قمعها وقتل قائدها سنة 838م.

وفاة الخليفة المعتصم بالله

في عام 842م، وبعد تسع سنوات من الحكم، توفي المعتصم بالله في سامراء، عن عمر يناهز 46 عامًا وقد خلفه ابنه الواثق بالله، ليستمر الحكم العباسي، وإن كان فقد شيئًا من هيبته التي بلغت ذروتها في عهد المعتصم.


إرث الخليفة المعتصم بالله

لم يعرف عن المعتصم اهتمامه العميق بالعلوم أو الأدب، لكنه أسس نموذجًا للدولة العسكرية، وربما كان أول من وضع بذور الابتعاد عن البنية البغدادية المدنية نحو حكم الجند الأتراك، الذين سيتعاظم نفوذهم لاحقًا.

رحل المعتصم، لكن صدى اسمه لا يزال يتردد مع كل قصة تروى عن وامعتصماه،  ومع كل ذكرى تستعاد فيها معركة عمورية كنموذج للرد الحاسم على الظلم.