فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

عبادة الشعائر وانتكاسة المعاملات!

إياك أن تظن أن الإسلام هو الصلاة والصوم والحج وغيرها من الأركان.. لا هذه عبادات شعائرية 
سيدنا جعفر بن أبي طالب عندما قابل النجاشي ملك الحبشة فقال له الملك حدثني عن الإسلام.. فقال جعفر: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الرحم ونسيء الجوار حتى بعث الله فينا رجلا (يقصد النبي صلى الله عليه وسلم) نعرف أمانته وصدقه ونسبه وعفافه، فدعانا إلى الله نعبده ونوحده ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء.. وهذه عبادات تعاملية.

 والمقصد أن العبادة الشعائرية لا وزن لها إطلاقا إن لم تصح العبادة التعاملية، فالدين المعاملة.. وما لم ينتج أثره الإيجابي في حياة الناس فثمة خطأ في الفهم والتطبيق.

والسؤال: هل أحسنا الجوار وكففنا أيدينا عن المحارم والدماء والأعراض والفواحش؟ وهل قمنا بصلة الارحام وتخلقنا بأخلاق الإسلام؟ وكيف نفسر ما يطفو على سطح المجتمع من عنف وتعاط للمخدرات وجفوة في العلاقات الاجتماعية وإغراق في السوشيال ميديا حتى صار البعيد منا قريبا والقريب منا بعيدا؟ ماذا حدث للمجتمع؟ 

هل صار تدينه شكليا يركز على العبادات الشعائرية على حساب العبادات التعاملية، حتى توارت إلى الظل حركة التدين الفعلي في المجتمع، فكثر النفاق والرياء وتراجع الإخلاص والوفاء والعمل بما في شرع الله من توجيهات جاءت لعصمة الناس من الزلل والشطط والوقوع في حبائل الشيطان؟!

هل أصبحنا مجتمعا يقدس الشكل على حساب الجوهر؟ فصار سلوكه في واد وكلامه في واد آخر، حتى انطبق علينا قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).

أكثر ما يعانيه مجتمعنا هو الإغراق في الشكل والتظاهر بالأخلاق الحميدة، بينما واقع المعاملات في أسوأ حالاته بما يمثل انتكاسة حقيقية في فهم روح الشرع وغاية الحق من بعث الرسل وتنزيل الكتب والرسالات السماوية!

هنا تكمن آفة مجتمعاتنا؛ الانفصام بين روح الدين وسلوكيات الناس على أرض الواقع وإغفال قاعدة مهمة وهي أن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل!