فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

تغريب المناهج.. الطيب يدق ناقوس الخطر حول التعليم الأجنبي”..والخبراء: إهدار للشخصية المصرية وتفتيت للمجتمع.. الانفتاح على النظم الأجنبية يجب ألا يكون على حساب الهوية الوطنية

 أحمد الطيب شيخ الأزهر
أحمد الطيب شيخ الأزهر

دق فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ناقوس الخطر بشأن ملف التعليم بمدارس التعليم “الأجنبي” فى مصر، وتأثيرها على الهوية وتشكيل وعى أبنائنا الطلاب، مؤكدًا أن  تراجع مؤشرات تعليم اللغة العربية بوتيرة مقلقة وغير مسبوقة، بات يمثل تحديًا كبيرًا، متسائلًا: لماذا لا يكون هناك اتفاق على منهج مشترك وموحد للغة العربية والتاريخ العربى يدرَّس فى كل البلاد العربية؟ مبينًا  أن تدريس التاريخ العربى بتوجهات مختلفة فى كل دولة أثَّر على وحدة الجسد العربى وعلى قضايا الأمة العربيَّة، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، التى تبدو غائبة عن مناهج كثير من الدول، أو تُطرح بشكل مختزل لا يليق بمكانتها التاريخية سخيَّة  فى مناهج بعض الدول الأخرى، بينما نرى على الطرف الآخر يعلِّمون أولادهم تاريخهم المزيف منذ الصغر.

وشدد شيخ الأزهر على أن المؤسَّسات التعليمية فى عالمنا العربى والإسلامى عليها مسئولية مضاعفة لمواجهة حملات التغريب والذى تنشره بعض المدارس الأجنبيَّة والدولية، وما يترتب عليه من إضعاف منظومة التعليم الوطنية، موضحًا  ضرورة تشكيل لجان من كبار خبراء التربية والتعليم وعلم النفس والاجتماع لاستشراف مستقبل التعليم حتى لا نفاجأ بأن بلادنا خلال عقود قليلة تُقاد بعقول غربيَّة فارغة من أية قيم شرقية أو عربية، محذِّرًا من حملات تسليع التعليم وتحويله إلى صفقات تجارية للتربح غير المشروع، وضرورة الحفاظ على خصوصية التعليم العربى والهوية العربية.

“فيتو” بدورها فتحت النقاش مع مجموعة من خبراء التربية لمناقشة ما طرحه شيخ الأزهر ومعرفة إذا ما كانت مدارس التعليم الأجنبى فى مصر تضيف شيئًا جديدًا لمنظومة التعليم أم أنها تمثل خطرًا حقيقًيا على هوية الجيل الجديد وتزيد من من اغتراب الطلاب وانفصالهم عن هويتهم ووطنيتهم.

فى البداية قال الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوى بكلية التربية جامعة عين شمس رؤية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، تعكس ما  صار إليه الوضع الحالى فى التعليم المصرى من التنافس الشديد بين الأسر المصرية فى إلحاق أولادها بالمدارس الأجنبية والدولية والحرص الشديد على تعليمهم اللغات الأجنبية دون اللغة العربية فهما وتشخيصا دقيقا للوضع الحالي، كما يمثل جرس إنذار لما سيكون عليه مستقبل الأمة المصرية من ابتعاد شديد عن أصولها وهويتها العربية والإسلامية اذا استمر الوضع على ذلك.

وأشار إلى أن هناك عديدا من العوامل التى أدت إلى جذب التعليم الأجنبى والدولى لشرائح مميزة من أبناء المصريين منها؛ اتباعه نظم تعليم عالمية ومعترف بها دوليا، كما أن المدارس الدولية فى مصر تمثل بديلا للكثير من الأسر لإرسال أولادها إلى الخارج، أيضا يتميز التعليم الدولى بنوع من الاستقرار وعدم التغيير لفترات طويلة خاصة فى نظم التقييم والامتحانات، بالإضافة إلى اهتمامه بتنمية أنشطة وهوايات الطلاب فى كافة المجالات، وكذلك تهتم مناهجها بتنمية القدرات العقلية العليا لدى الطلاب مثل الفهم والتطبيق والتفكير الناقد والإبداعى وغيره، وتستقدم الكثير من المعلمين الأجانب للعمل بها، وبالرغم من تمتع الكثير من أنماط المدارس المصرية بمميزات لا تقل عن تلك المدارس، الا أن الكثير من الأسر تتباهى بإلحاق أولادها بالمدارس الأجنبية.

وأضاف “شوقي” فى تصريحات خاصة لـ “فيتو” أنه مع ذلك فإن هناك مجموعة من المخاطر المرتبطة بالمدارس الأجنبية والدولية منها: بث رسائل ضمنية بضعف المدارس المصرية، والإهمال الشديد لتدريس اللغة العربية والدين الإسلامى الأمر الذى يترتب عليه عواقب سلبية تشمل: ضعف قدرة الطلاب سواء  على القراءة أو الكتابة بل والتحدث باللغة العربية بشكل سليم، وضعف الانتماء الوطنى، وكذلك فقدان الهوية الوطنية العربية والإسلامية، كذلك سهولة وقوع الفرد فريسة للغزو الثقافى واقتلاعه من جذوره الثقافية.

وأوضح أستاذ علم النفس التربوى أن هذه الأسباب يجب  معها القيام ببعض الإجراءات للحفاظ على الهوية الوطنية للطلاب المصريين ومنها، التوسع فى إنشاء المدارس المصرية المتميزة التى تعلم اللغات الأجنبية  للطلاب فى سن مناسب وعلى نحو جيد، ودعم ما تتخذه وزارة التربية والتعليم من إجراءات لتدريس مواد الهوية “التربية الدينية واللغة العربية والتاريخ الوطني” فى المدارس الدولية، بجانب مراقبة مناهج المدارس الأجنبية والدولية فى مصر لرصد أى مضامين بها تتعارض مع القيم الإسلامية، بالإضافة إلى عمل حملات إعلامية للتوعية بأهمية دراسة اللغة العربية.

بدوره يؤكد الدكتور عاصم حجازى أستاذ علم النفس التربوى بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، أن المدارس الدولية تعتمد على تقديم مناهج متحررة ظاهريا من أثر الثقافة، أى أنها لا تهتم بتدريس مقررات تخص ثقافة بعينها وتعتمد فى مناهجها على الجانب المشترك والعام ولكن الحقيقة التى لا يمكن إنكارها أن هناك تشابكا واضحا بين العلوم والفلسفة وبينها بين الأفكار والثقافات والمعتقدات وبالتالى لا يمكن فصل أى نظام تعليمى عن الثقافة التى نشأ فيها والأفكار التى حددت ملامحه.

وشدد على أنه يجب أن ننتبه حيث إن الاطلاع على المناهج الأجنبية والاستفادة منها قد يرقى إلى درجة الواجب حتى يستفيد نظامنا التعليمى ويتطور ولكن هذا الواجب هناك ما هو أوجب منه وأهم وهو الحفاظ على هوية المجتمع وعناصر وحدته ولذلك فإن وزارة التربية والتعليم قد أخذت على عاتقها مسئولية الدمج بين عناصر التطور فى أنظمة التعليم الأجنبية وعناصر الحفاظ على الهوية ودعم الانتماء وذلك من خلال إجراءات محددة تضمنت إلزام  المدارس الدولية بتدريس اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ وكذلك تضمن قانون التعليم الذى قدمته الوزارة وتم إقراره من مجلس النواب اهتماما خاصا بهذه المواد فى جميع مراحل التعليم بما فيها البكالوريا المصرية.