رئيس التحرير
عصام كامل

الموقف الأمريكي من أزمة سد النهضة.. إلى أين؟! (2 – 2)

سد الأزمة
سد الأزمة


فى رأيي الشخصى أن مفتاح التحول الموقف الأمريكي تجاه القضية هو سوء العلاقات بين الولايات المتحدة والصين فى أعقاب تحميل امريكا للصين عواقب انتشار فيروس كورونا الذى أضر بمصالح العالم كله على الجانب الاقتصادى، وحتى الجانب الإنساني وآلاف الأشخاص الذين توفوا متأثرين بالإصابة، وهو ما لمسه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب شخصيا بعد إصابته بفيروس كورونا الشهر الماضى، وما صرح به من تحميل الصين المسئولية الكاملة وأنها سوف تدفع الثمن غاليا.


كانت التنبؤات دائما أن الأزمة لن تُحل سياسيا بالمفاوضات وحدها، ولكن لابد من تدخل قوة دولية صاحبة تأثير فى ظروف ما يفرضها الواقع للضغط على إثيوبيا للاستجابة لمطالب مصر والسودان أو بمعنى أدق "المطلب الوحيد" المتكرر فى كل جولات التفاوض، وهو "توقيع اثيوبيا على اتفاق الملء والتشغيل قبل الملء الفعلى بشكل يضمن تقليل حجم الأضرار التى تواجهها مصر والسودان جراء عملية ملء السد فى مختلف مراحله".

هل يريد ترامب إصابة الاقتصاد الصينى فى إثيوبيا الذي تراوحت استثماراته بين عامى 208 و2018 من 126 مليون دولار إلى ما يزيد عن 2.5 مليار دولار لتصبح الصين أكبر مستثمر في إثيوبيا؟!
هل تريد أمريكا تعطيل التنمية الإثيوبية التى تربطها الأخيرة دائما بإكمال بناء السد وتوليد الكهرباء لجذب مزيد من الاستثمارات؟!، فقد منحت الحكومة الإثيوبية عقد بناء السد لشركتين صينيتين، مملوكتين للدولة الصينية هما: “China Gezhouba Group”والتي تم التعاقد معها مقابل 40.1 مليون دولار، وشركة “Voith Hydro Shanghai”، والتي منحت عقدًا بلغت قيمته 113 مليون دولار للمشاركة في بناء السد، وتم اتخاذ هذا القرار بعد طرد شركة إثيوبية مملوكة للجيش في البلاد من المشروع لعدم استكمال العمل في الوقت المحدد.

هذا فضلًا عن قيام شركة “State Grid of China Electric Power Equipment and Technology (SGCC)” الصينية بتشييد خط النقل عالي الجهد اللازم لنقل الطاقة إلى سد النهضة الإثيوبي بتكلفة تتعدى المليار دولار، ففي عام 2013، أقرضت بكين أديس أبابا 1.2 مليار دولار لتمويل مشاريع بناء خطوط توزيع الكهرباء من السد إلى مدن وقرى إثيوبيا، كما وعدت بكين آبي أحمد العام الماضي بقروضٍ قيمتها 1.8 مليار دولار لتمويل توسيع شبكة الكهرباء الإثيوبية.

بالإضافة إلى ذلك، إذا صدقت نوايا إثيوبيا في تصدير الطاقة المستخرجة من السد للخارج فسوف تحتاج لإنشاء العديد من خطوط النقل لإيصال هذه الطاقة إلى أماكنها المستهدفة، وهو ما سيحتاج إلى مليارات إضافية من الدولارات، وبالتالي تحتاج إلى مصادر تمويل وشركات تقوم ببناء تلك الخطوط، وغالبًا ما سيكون المرشح للقيام بذلك هي الصين، نظرًا لما تقدمه من عروض يصعب على غيرها منافستها، وهو ما يؤكده عمليات البناء السابقة للسدود الإثيوبية، حيث قامت الصين بتشييد وتمويل 6 سدود صينية من أصل 12 سد في إثيوبيا.

هل ظهرت المصلحة التى تجبر أمريكا على تغيير موقفها تجاه قضية سد النهضة؟!
هذا ما سوف تكشفه جولة المفاوضات فى القريب العاجل.

------------------------------------------------------------

( * ) ياسمين زايد.. باحثة بالأكاديمية العربية للمياه
Advertisements
الجريدة الرسمية