رئيس التحرير
عصام كامل

أسباب تحويل أردوغان متحف آيا صوفيا إلى مسجد؟

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في متحف آيا صوفيا


ليس من الغريب أن يضغط أردوغان على الغرب عبر إرسال لاجئين إلى أوروبا من بلدان مسلمة فالرئيس التركي يعتبر اللاجئين هم سلاح قوي في يده لكي يضغط على أوروبا.


وقرار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بتغيير كنيسة أيا صوفيا من متحف إلى مسجد ليس بقرار جديد و من المعروف بأن أردوغان يحاول جاهداً إعادة مكانة تركيا التي كانت فيها في زمن الدولة العثمانية و خصوصًا بعد اتحاد حزب العدالة و التنمية مع حزب الحركة القومية والذي يعرف أيضاً بالعمل القومي و هو حزب سياسي قومي يميني تركي يتزعمه حالياً دولت بهتشلي، والحزب من أشد معارضي انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي لذلك ليس من الغريب انشقاق الكثير من المقربين لأردوغان من حزب العدالة و التنمية لأنهم كانوا يريدون مع تركيا ان تسلك طريق أوروبا ولكن سياسة أردوغان الحالية تعمل عكس ذلك و تحاول مواجهة أوروبا و الانتقام منها بسبب الماضي.

 


وبحسب مركز أبحاث «رياليست» فإن أردوغان يحاول أن ينتقم من الغرب المسيحي بطرق مختلفة، كما أن خطوة تحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد تأتي كمحاولة من أردوغان للإعلان للغرب بأن تركيا أصبحت مستقلة في قرارها السياسي، و لا أحد يستطيع أن يمسها و بذلك يحاول استفزاز الغرب و إرسال له رسائل تقول بأن تركيا هي ليست تركيا التي كانت في الماضي، و تركيا الجديدة لن تقبل من أحد أن يتدخل في قراراتها السياسية و في الشؤن الداخلية لأنه سيادة تركيا فوق الكل و هذا الأمر يكرره دائماً في خطاباته التي يتحدث عنها عن تاريخ تركيا الماضي، أردوغان يعرف كيف يجلب أنصارا جددا و خصوصاً عندما يستعمل دعاية بأن تركيا سوف تعود إلى أمجاد الماضي و سوف تكون دولة مهمة في العالم وسوف تسيطر على العالم من جديد.

 


أيضا لا نستطيع أن ننسى بأن أردوغان و في كل خطاباته يذكر شعبه بعام 2023 التي سوف تنتهي فيه معاهدة لوزان التي وقعت في يوم 24 يوليو عام 1923، وتألّفت من 143 مادة، تتعلق بتنظيم وضع تركيا الدولي الجديد، وترتيب علاقتها بدول الحلفاء المنتصرين في الحرب، ورسم الجغرافيا السياسية لتركيا الحديثة وتعيين حدودها مع اليونان وبلغاريا، وتنازل الدولة التركية النهائي عن إدعاء أي حقوق سياسية ومالية وأي حق سيادي في الشام والعراق ومصر والسودان وليبيا وقبرص، بجانب تنظيم استخدام المضايق البحرية التركية في وقت الحرب والسلم وأيضا الاتفاقية تسمح لبقاء قيادة البطريركية الدينية الأرثوذكسية العالمية في إسطنبول، بشريطة عدم ممارسة الأنشطة السياسية.



لذلك فبانتهاء الاتفاقية تركيا سوف تذهب إلى مسار اخر مختلف و سوف تبتعد عن المسار الذي حاول مؤسس تركيا مصطفى كمال اتاتورك ان يعمل عليه، اتاتورك كان يريد من تركيا ان تصبح دولة أوروبية حديثة، انتهاء صلاحية معاهدة لوزيان هو أكبر مبرر لأردوغان لتحويل آيا صوفيا من متحف لكنيسة.

 


أردوغان في كل خطاباته يهاجم الاتحاد الأوروبي بسبب الماضي، أردوغان شخصية مريضة بفكرة إعادة بناء الدولة العثمانية الكبرى وغزو العالم وهذا الأمر طبيعي لشخص أفكاره قريبة من الإسلاميين وعمله السابق من أستاذه نجم الدين أرباكان الذي كان معلمه وأيضا اهتمامه بكتب وأفكار بديع الزمان سعيد النورسي الذي من ضمن أفكاره ان تصبح أوروبا بلداً اسلامياً حيث في أحد لقاءته مع الشيخ بخيت شيخ الجامع الأزهر سأله ما تقول في أوروبا؟ فأجابه النورسي: ان أوروبا حاملة بالإسلام و ستلده يوماً ما، ثم سأله ما رأيك بالإمبراطورية العثمانية فأجابه: ان الإمبراطورية العثمانية حاملة بأوربا و ستلدها يوماً، و لذلك ليس من الغريب ان يضغط أردوغان على الغرب عبر ارسال لاجئين الى أوروبا من بلدان مسلمة فأردوغان يعتبر بأن اللاجئين هم سلاح قوي في يده لكي يضغط على أوروبا و لكي يتم تحويل أوروبا إلى بلدان تكون فيها الأغلبية هي المسلمة بذلك مشروع بديع الزمان سعيد نورسي ومعلمه نجم الدين أربكان ينجح و مشروع أربكان يتمثل بتكوين اتحاد إسلامي و استعمال عملة إسلامية في البلدان المسلمة و مواجهة الغرب و الصهيونية العالمية.




في السنوات القادمة سوف نرى منافسة شديدة في تركيا للسيطرة على الحكم بين الإسلاميين والعلمانيين ومن المحتمل أن تتغير تركيا كلياً في السنوات القادمة وتبتعد أو تدخل في مواجهة مباشرة مع الاتحاد الأوروبي إذا بقيت سياسة الرئيس التركي كما هي ولكن السياسيين المحليين يتحدثون عن وجود بديل لأردوغان يكمل طريقه السياسي ويحل مشاكل السياسة التركية الخارجية والداخلية.


وفقا لـ "ديميتري بريجع"، عضو حزب حرية الشعب الروسي المعارض و محلل سياسي، وكالة أنباء «رياليست»                                                   

الجريدة الرسمية